للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(٧٤) سورة المدثر]

مكية، وآيها خمس وخمسون آية

[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ أي المتدثر وهو لابس الدثار.

روي أنه عليه الصلاة والسلام قال «كنت بحراء فنوديت فنظرت عن يميني وشمالي فلم أر شيئاً، فنظرت فوقي فإذا هو على عرش بين السماء والأرض- يعني الملك الذي ناداه- فرعبت فرجعت إلى خديجة فقلت: دثروني، فنزل جبريل وقال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ

ولذلك قيل هي أول سورة نزلت. وقيل تأذى من قريش فتغطى بثوبه مفكراً، أو كان نائما متدثرا فنزلت، وقيل المراد بالمدثر المتدثر بالنبوة والكمالات النفسانية، أو المختفي فإنه كان بحراء كالمختفي فيه على سبيل الاستعارة، وقرئ «المدثر» أي الذي دثر هذا الأمر وعصب به.

قُمْ من مضجعك أو قم قيام عزم وجد. فَأَنْذِرْ مطلق للتعميم أو مقدر بمفعول دل عليه قوله:

وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ أو قوله: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً.

[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٣ الى ٤]

وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤)

وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وخصص ربك بالتكبير وهو وصفه بالكبرياء عقداً وقولاً،

روي أنه لما نزل كبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأيقن أنه الوحي

، وذلك لأن الشيطان لا يأمر بذلك والفاء فيه وفيما بعده لإِفادة معنى الشرط وكأنه قال: وما يكن فكبر ربك، أو الدلالة على أن المقصود الأول من الأمر بالقيام أن يكبر ربه عن الشرك والتشبيه، فإن أول ما يجب معرفة الصانع وأول ما يجب بعد العلم بوجوده تنزيهه، والقوم كانوا مقرين به.

وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ من النجاسات فإن التطهير واجب في الصلوات محبوب في غيرها، وذلك بغسلها أو بحفظها عن النجاسة بتقصيرها مخافة جر الذيول فيها، وهو أول ما أمر به مِنْ رفض العادات المذمومة، أو طهر نفسك من الأخلاق الذميمة والأفعال الدنيئة، فيكون أمراً باستكمال القوة العملية بعد أمره باستكمال القّوة النظرية والدعاء إليه، أو فطهر دثار النبوة عما يدنسه من الحقد والضجر وقلة الصبر.

[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٥ الى ٧]

وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (٧)

وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ فاهجر العذاب بالثبات على هجر ما يؤدي إليه من الشرك وغيره من القبائح، وقرأ يعقوب وحفص وَالرُّجْزَ بالضم وهو لغة كالذكر.

وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ أي لا تعط مستكثراً، نهى عن الاستفزار وهو أن يهب شيئاً طامعاً في عوض أكثر، نهي تنزيه أو نهياً خاصا به

لقوله عليه الصلاة والسلام «المستفزر يثاب من هبته»

والموجب له ما فيه من الحرص والضنة، أو لا تَمْنُنْ على الله تعالى بعبادتك مستكثراً إياها، أو على الناس بالتبليغ مستكثراً به الأجر منهم أو مستكثرا إياه، وقرئ «تَسْتَكْثِرُ» بالسكون للوقف أو الإبدال من تمنن على أنه من من بكذا، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>