من أعمال أهل الجنة فيدخل الجنة. وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل به النار» .
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٧٣ الى ٧٤]
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (٧٣) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤)
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ إِسراعاً بهم إلى دار الكرامة، وقيل سيق مراكبهم إذ لا يذهب بهم إلا راكبين. زُمَراً على تفاوت مراتبهم في الشرف وعلو الطبقة. حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها حذف جواب إذا للدلالة على أن لهم حينئذ من الكرامة والتعظيم ما لا يحيط به الوصف، وأن أبواب الجنة تفتح لهم قبل مجيئهم غير منتظرين، وقرأ الكوفيون فُتِحَتْ بالتخفيف. وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا يعتريكم بعد مكروه. طِبْتُمْ طهرتم من دنس المعاصي. فَادْخُلُوها خالِدِينَ مقدرين الخلود فيها، والفاء للدلالة على أن طيبهم سبب لدخولهم وخلودهم، وهو لا يمنع دخول العاصي بعفوه لأنه مطهره.
وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ بالبعث والثواب. وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ يريدون المكان الذي استقروا فيه على الاستعارة، وإيراثها تمليكها مخلفة عليهم من أعمالهم أو تمكينهم من التصرف فيها تمكين الوارث فيما يرثه. نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ أي يتبوأ كل منا في أي مقام أراده من جنته الواسعة، مع أن في الجنة مقامات معنوية لا يتمانع واردوها. فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ الجنة.
[[سورة الزمر (٣٩) : آية ٧٥]]
وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٧٥)
وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ محدقين. مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ أي حوله ومِنْ مزيدة أو لابتداء الحفوف.
يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ملتبسين بحمده. والجملة حال ثانية أو مقيدة للأولى، والمعنى ذاكرين له بوصفي جلاله وإكرامه تلذذاً به، وفيه إشعار بأن منتهى درجات العليين وأعلى لذائذهم هو الاستغراق في صفات الحق. وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ أي بين الخلق بإدخال بعضهم النار وبعضهم الجنة، أو بين الملائكة بإقامتهم في منازلهم على حسب تفاضلهم. وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أي على ما قضي بيننا بالحق. والقائلون هم المؤمنون من المقضي بينهم أو الملائكة وطي ذكرهم لتعينهم وتعظيمهم.
عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الزمر لم يقطع رجاءه يوم القيامة وأعطاه الله ثواب الخائفين» .
عن عائشة رضي الله عنها: «أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر»
والله أعلم.