قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ يعني قوم لوط.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٥٩ الى ٦٠]
إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (٦٠)
إِلَّا آلَ لُوطٍ إن كان استثناء من قَوْمٍ كان منقطعاً إذ ال قَوْمٍ مقيد بالإِجرام وإن كان استثناء من الضمير في مُجْرِمِينَ كان متصلاً، والقوم والإِرسال شاملين للمجرمين، وآلَ لُوطٍ المؤمنين به وكأن المعنى: إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ أجرم كلهم إلا آل لوط منهم لنهلك المجرمين وننجي آل لوط منهم، ويدل عليه قوله: إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ أي مما يعذب به القوم، وهو استئناف إذا اتصل الاستثناء ومتصل بآل لوط جار مجرى خبر لكن إذا انقطع وعلى هذا جاز أن يكون قوله:
إِلَّا امْرَأَتَهُ استثناء من آلَ لُوطٍ، أو من ضميرهم، وعلى الأول لا يكون إلا من ضميرهم لاختلاف الحكمين اللهم إلا أن يجعل إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ اعتراضاً، وقرأ حمزة والكسائي لَمُنَجُّوهُمْ مخففاً. قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ الباقين مع الكفرة لتهلك معهم. وقرأ أبو بكر عن عاصم قَدَّرْنا هنا وفي «النمل» بالتخفيف، وإنما علق والتعليق من خواص أفعال القلوب لتضمنه معنى العلم. ويجوز أن يكون قَدَّرْنا أجري مجرى قلنا لأن التقدير بمعنى القضاء قول، وأصله جعل الشيء على مقدار غيره وإسنادهم إياه إلى أنفسهم. وهو فعل الله سبحانه وتعالى لما لهم من القرب والاختصاص به.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٦١ الى ٦٤]
فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١) قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٦٢) قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣) وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٦٤)
فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ تنكركم نفسي وتنفر عنكم مخافة أن تطرقوني بِشَرٍ.
قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ أي ما جئناك بما تنكرنا لأجله بل جئناك بما يسرك ويشفي لك من عدوك، وهو العذاب الذي توعدتهم به فيمترون فيه.
وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ باليقين من عذابهم. وَإِنَّا لَصادِقُونَ فيما أخبرناك به.
[[سورة الحجر (١٥) : آية ٦٥]]
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (٦٥)
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ فاذهب بهم في الليل، وقرأ الحجازيان بوصل الهمزة من السرى وهما بمعنى وقرئ «فسر» من السير. بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ في طائفة من الليل وقيل في آخره قال:
افتَحِي البَابَ وَانْظُرِي فِي النُّجُوم ... كَمْ عَلَيْنَا مِنْ قِطَعٍ لَيْلٍ بَهِيمِ
وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وكن على أثرهم تذودهم وتسرع بهم وتطلع على حالهم. وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ لينظر ما وراءه فيرى من الهول ما لا يطيقه أو فيصيبه ما أصابهم أو ولا ينصرف أحدكم ولا يتخلف امرؤ لغرض فيصيبه العذاب. وقيل نهوا عن الالتفات ليوطنوا نفوسهم على المهاجرة. وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ إلى حيث أمركم الله بالمضي إليه، وهو الشام أو مصر فعدي وَامْضُوا إلى حَيْثُ وتُؤْمَرُونَ إلى ضميره ٠ المحذوف على الاتساع.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٦٦ الى ٦٧]
وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (٦٦) وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧)
وَقَضَيْنا إِلَيْهِ أي وأوحينا إليه مقضياً، ولذلك عدي بإلى. ذلِكَ الْأَمْرَ مبهم يفسره. أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ