يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ على معاذيرهم فيما قالوا أو تخلفوا. لِيُرْضُوكُمْ لترضوا عنهم والخطاب للمؤمنين. وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ أحق بالإِرضاء بالطاعة والوفاق، وتوحيد الضمير لتلازم الرضاءين أو لأن الكلام في إيذاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم وإرضائه، أو لأن التقدير والله أحق أن يرضوه والرسول كذلك. إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ صدقاً.
أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ أن الشأن وقرئ بالتاء. مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يشاقق مفاعلة من الحد. فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها على حذف الخبر أي فحق أن له أو على تكرير أن للتأكيد ويحتمل أن يكون معطوفاً على أنه ويكون الجواب محذوفاً تقديره من يحادد الله ورسوله يهلك، وقرئ «فَإن» بالكسر. ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ يعني الهلاك الدائم.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٦٤ الى ٦٥]
يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (٦٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ (٦٥)
يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ على المؤمنين. سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ وتهتك عليهم أستارهم، ويجوز أن تكون الضمائر للمنافقين فإن النازل فيهم كالنازل عليهم من حيث إنه مقروء ومحتج به عليهم، وذلك يدل على ترددهم أيضاً في كفرهم وأنهم لم يكونوا على بت في أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم بشيء. وقيل إنه خبر في معنى الأمر. وقيل كانوا يقولونه فيما بينهم استهزاء لقوله: قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مبرز أو مظهر. مَّا تَحْذَرُونَ أي ما تحذرونه من إنزال السورة فيكم، أو ما تحذرون إظهاره من مساويكم.
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ
روي: أن ركب المنافقين مروا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك فقالوا: انظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتح قصور الشام وحصونه هيهات هيهات، فأخبر الله تعالى به نبيه فدعاهم فقال: «قلتم كذا وكذا» فقالوا لا والله ما كنا في شيء من أمرك وأمر أصحابك ولكن كنا في شيء مما يخوض فيه الركب ليقصر بعضنا على بعض السفر.
قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ توبيخاً على استهزائهم بمن لا يصح الاستهزاء به، وإلزاماً للحجة عليهم ولا تعبأ باعتذارهم الكاذب.
[[سورة التوبة (٩) : آية ٦٦]]
لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٦٦)
لاَ تَعْتَذِرُوا لا تشتغلوا باعتذارتكم فإنها معلومة الكذب. قَدْ كَفَرْتُمْ قد أظهرتم الكفر بإيذاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم والطعن فيه. بَعْدَ إِيمانِكُمْ بعد إظهاركم الإيمان. إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ لتوبتهم وإخلاصهم، أو لتجنبهم عن الإيذاء والاستهزاء. تعذّب طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ مصرين على النفاق أو مقدمين على الإِيذاء والاستهزاء. وقرأ عاصم بالنون فيهما. وقرئ بالياء وبناء الفاعل فيهما وهو الله «وإن تعف» بالتاء والبناء على المفعول ذهاباً إلى المعنى كأنه قال: أن ترحم طائفة.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٦٧ الى ٦٨]
الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٦٧) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٦٨)
الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ أي متشابهة في النفاق والبعد عن الإِيمان كأبعاض الشيء