فَإِنْ تَوَلَّوْا فإن تتولوا. فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ فقد أديت ما علي من الإبلاغ وإلزام الحجة فلا تفريط مني ولا عذر لكم فقد أبلغتكم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إليكم. وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ استئناف بالوعيد لهم بأن الله يهلكهم ويستخلف قوماً آخرين في ديارهم وأموالهم، أو عطف على الجواب بالفاء ويؤيده القراءة بالجزم على الموضع كأنه قيل: وإن تتولوا يعذرني ربي ويستخلف. وَلا تَضُرُّونَهُ بتوليكم. شَيْئاً من الضرر ومن جزم يستخلف أسقط النون منه. إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ رقيب فلا تخفى عليه أعمالكم ولا يغفل عن مجازاتكم، أو حافظ مستول عليه فلا يمكن أن يضره شيء.
وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا عذابنا أو أمرنا العذاب. نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وكانوا أربعة آلاف. وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ تكرير لبيان ما نجاهم منه وهو السموم، كانت تدخل أنوف الكفرة وتخرج من أدبارهم فتقطع أعضاءهم، أو المراد به تنجيتهم من عذاب الآخرة أيضاً، والتعريض بأن المهلكين كما عذبوا في الدنيا بالسموم فهم معذبون في الآخرة بالعذاب الغليظ.
[سورة هود (١١) : الآيات ٥٩ الى ٦٠]
وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠)
وَتِلْكَ عادٌ أنث اسم الإِشارة باعتبار القبيلة أو لأن الإِشارة إلى قبورهم وآثارهم. جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ كفروا بها. وَعَصَوْا رُسُلَهُ لأنهم عصوا رسولهم ومن عصى رسولاً فكأنما عصي الكل لأنهم أمروا بطاعة كل رسول. وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ يعني كبراءهم الطاغين وعَنِيدٍ من عند عنداً وعنداً وعنوداً إذا طغى، والمعنى عصوا من دعاهم إلى الإِيمان وما ينجيهم وأطاعوا من دعاهم إلى الكفر وما يرديهم.
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أي جعلت اللعنة تابعة لهم في الدارين تكبهم في العذاب.
أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ جحدوه أو كفروا نعمه أو كفروا به فحذف الجار. أَلا بُعْداً لِعادٍ دعاء عليهم بالهلاك، والمراد به الدلالة على أنهم كانوا مستوجبين لما نزل عليهم بسبب ما حكي عنهم، وإنما كرر ألا وأعاد ذكرهم تفظيعاً لأمرهم وحثاً على الاعتبار بحالهم. قَوْمِ هُودٍ عطف بيان لعاد، وفائدته تمييزهم عن عاد الثانية عاد إرم، والإِيماء إلى أن استحقاقهم للبعد بما جرى بينهم وبين هود.
[[سورة هود (١١) : آية ٦١]]
وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١)
وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ هو كونكم منها لا غيره فإنه خلق آدم ومواد النطف التي خلق نسله منها من التراب. وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها عمركم فيها واستبقاكم من العمر، أو أقدركم على عمارتها وأمركم بها، وقيل هو من العمري بمعنى أعمركم فيها دياركم ويرثها منكم بعد انصرام أعماركم، أو جعلكم معمرين دياركم تسكنونها مدة عمركم ثم تتركونها لغيركم.
فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ قريب الرحمة. مُجِيبٌ لداعيه.
[سورة هود (١١) : الآيات ٦٢ الى ٦٣]
قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣)