للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلغي حكم الذبح فيلحق مذبوح المحرم بالميتة ومذبوح الوثني أو لا فيكون كالشاة المغصوبة إذا ذبحها الغاصب. وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً ذاكراً لإحرامه عالماً بأنه حرام عليه قبل ما يقتله، والأكثر على أن ذكره ليس لتقييد وجوب الجزاء فإن إتلاف العامد والمخطئ واحد في إيجاب الضمان، بل لقوله: وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ولأن الأية نزلت فيمن تعمد إذ

روي: أنه عن لهم في عمرة الحديبية حمار وحش فطعنه أبو اليسر برمحه فقتله. فنزلت.

فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ برفع الجزاء، والمثل قراءة الكوفيين ويعقوب بمعنى فعليه أي فواجبه جزاء يماثل ما قتل من النعم، وعليه لا يتعلق الجار بجزاء للفصل بينهما بالصفة فإن متعلق المصدر كالصلة له فلا يوصف ما لم يتم بها، وإنما يكون صفته وقرأ الباقون على إضافة المصدر إلى المفعول وإقحام مثل كما في قولهم مثلي لا يقول كذا، والمعنى فعليه أن يجزى مثل ما قتل. وقرئ «فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ» ، بنصبهما على فليجز جزاء، أو فعليه أن يجزي جزاء يماثل ما قتل وفجزاؤه مثل ما قتل، وهذه المماثلة باعتبار الخلقة والهيئة عند مالك والشافعي رضي الله تعالى عنهما، والقيمة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال: يقوم الصيد حيث صيد فإن بلغت القيمة ثمن هدى تخير بين أن يهدي ما قيمته قيمته وبين أن يشتري بها طعاماً فيعطي كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعاً من غيره، وبين أن يصوم عن طعام كل مسكين يوماً وإن لم تبلغ تخير بين الإطعام والصوم واللفظ للأول أوفق. يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ صفة جزاء ويحتمل أن يكون حالاً من ضميره في خبره أو منه إذا أضفته، أو وصفته ورفعته بخبر مقدر لمن وكما أن التقويم يحتاج إلى نظر واجتهاد يحتاج إلى المماثلة في الخلقة والهيئة إليها، فإن الأنواع تتشابه كثيرا.

وقرئ «ذو عدل» على إرادة الجنس أو الإمام. هَدْياً حال من الهاء في به أو من جزاء وإن نون لتخصصه بالصفة، أو بدل من مثل باعتبار محله أو لفظه فيمن نصبه. بالِغَ الْكَعْبَةِ وصف به هدياً لأن إضافته لفظية ومعنى بلوغه الكعبة ذبحه بالحرم والتصدق به، وقال أبو حنيفة يذبح بالحرم ويتصدق به حيث شاء. أَوْ كَفَّارَةٌ عطف على جزاء إن رفعته وإن نصبته فخبر محذوف. طَعامُ مَساكِينَ عطف بيان أو بدل منه، أو خبر محذوف أي هي طعام. وقرأ نافع وابن عامر كفارة طَعامُ بالإِضافة للتبيين كقولك: خاتم فضة، والمعنى عند الشافعي أو أن يكفر بإطعام مساكين ما يساوي قيمة الهدي من غالب قوت البلد فيعطي كل مسكين مداً. أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً أو ما ساواه من الصوم فيصوم عن طعام كل مسكين يوماً، وهو في الأصل مصدر أطلق للمفعول. وقرئ بكسر العين وهو ما عدل بالشيء في المقدر كعدلي الحمل وذلك إشارة إلى الطعام، وصياماً تمييز للعدل. لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ متعلق بمحذوف أي فعليه الجزاء أو الطعام أو الصوم ليذوق ثقل فعله وسوء عاقبة هتكه لحرمة الإِحرام، أو الثقل الشديد على مخالفة أمر الله تعالى وأصل الوبل الثقل ومنه الطعام الوبيل. عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ من قتل الصيد محرماً في الجاهلية أو قبل التحريم، أو في هذه المرة. وَمَنْ عادَ إلى مثل هذا. فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ فهو ينتقم الله منه وليس فيه ما يمنع الكفارة على العائد كما حكي عن ابن عباس وشريح. وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ مما أصر على عصيانه.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٩٦]]

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦)

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ ما صيد منه مما لا يعيش إلا في الماء، وهو حلال كله

لقوله عليه الصلاة والسلام في البحر «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» .

وقال أبو حنيفة لا يحل منه إلا السمك. وقيل يحل السمك وما يؤكل نظيره في البر. وَطَعامُهُ ما قذفه أو نضب عنه. وقيل الضمير للصيد وطعامه أكله. مَتاعاً لَكُمْ تمتيعاً لكم نصب على الغرض. وَلِلسَّيَّارَةِ أي ولسيارتكم يتزودونه قديداً. وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ أي ما صيد فيه، أو الصيد فيه فعلى الأول يحرم على المحرم أيضاً ما صاده الحلال وإن لم يكن له فيه مدخل،

<<  <  ج: ص:  >  >>