للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل هو جمع أهلاة. أَوْ كِسْوَتُهُمْ عطف على إطعام أو من أوسط إن جعل بدلاً وهو ثوب يغطي العورة.

وقيل ثوب جامع قميص أو رداء أو إزار. وقرئ بضم الكاف وهو لغة كقدوة في قدوة وكأسوتهم بمعنى أو كمثل ما تطعمون أهليكم إسرافاً كان أو تقتيراً تواسون بينهم وبينهم إن لم تطعموهم الأوسط، والكاف في محل الرفع وتقديره: أو إطعامهم كأسوتهم. أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أو إعتاق إنسان، وشرط الشافعي رضي الله تعالى عنه في الأَيمان قياساً على كفارة القتل، ومعنى أو إيجاب إحدى الخصال الثلاث مطلقا وتخيير المكلف في التعيين. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ أي واحداً منها. فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فكفارته صيام ثلاثة أيام، وشرط فيه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه التتابع لأنه قرئ «ثلاثة أيام متتابعات» ، والشواذ ليست بحجة عندنا إذا لم تثبت كتاباً ولم ترو سنة. ذلِكَ أي المذكور. كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وحنثتم. وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ بأن تضنوا بها ولا تبذلوها لكل أمر، أو بأن تبروا فيها ما استطعتم ولم يفت بها خير، أو بأن تكفروها إذا حنثتم.

كَذلِكَ أي مثل ذلك البيان. يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ أعلام شرائعه. لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمة التعليم أو نعمة الواجب شكرها فإن مثل هذا التبيين يسهل لكم المخرج منه.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٩٠]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ أي الأصنام التي نصبت للعبادة. وَالْأَزْلامُ سبق تفسيرها في أول السورة. رِجْسٌ قذر تعاف عنه العقول، وأفرده لأنه خبر للخمر، وخبر المعطوفات محذوف أو لمضاف محذوف كأنه قال: إنما تعاطي الخمر والميسر. مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ لأنه مسبب عن تسويله وتزيينه. فَاجْتَنِبُوهُ الضمير للرجس أو لما ذكر أو للتعاطي. لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ لكي تفلحوا بالاجتناب عنه.

واعلم أنه سبحانه وتعالى أكد تحريم الخمر والميسر في هذه الآية، بأن صدر الجملة ب إِنَّما وقرنهما بالأنصاب والأزلام، وسماهما رجساً، وجعلهما من عمل الشيطان تنبيهاً على أن الاشتغال بهما شرّ بحت أو غالب، وأمر بالاجتناب عن عينهما وجعله سبباً يرجى منه الفلاح، ثم قرر ذلك بأن بين ما فيهما من المفاسد الدنيوية والدينية المقتضية للتحريم فقال تعالى:

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩١ الى ٩٢]

إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢)

إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ وإنما خصهما بإعادة الذكر وشرح ما فيهما من الوبال تنبيهاً على أنهما المقصود بالبيان، وذكر الأنصاب والأزلام للدلالة على أنهما مثلهما في الحرمة والشرارة

لقوله عليه الصلاة والسلام «شارب الخمر كعابد الوثن» .

وخص الصلاة من الذكر بالإِفراد للتعظيم، والإِشعار بأن الصاد عنها كالصاد عن الإِيمان من حيث إنها عماده والفارق بينه وبين الكفر، ثم أعاد الحث على الانتهاء بصيغة الاستفهام مرتباً على ما تقدم من أنواع الصوارف فقال: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ إيذاناً بأن الأمر في المنع والتحذير بلغ الغاية وأن الأعذار قد انقطعت.

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فيما أمرا به. وَاحْذَرُوا ما نهيا عنه أو مخالفتهما. فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>