للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فزعم أنه بعثه نبياً كمسيلمة والأسود العنسي، أو اختلق عليه أحكاماً كعمرو بن لحي ومتابعيه. أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ كعبد الله بن سعد بن أبي سرح (كان يكتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلما نزلت وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ فلما بلغ قوله: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ

قال عبد الله (فتبارك الله أحسن الخالقين) تعجباً من تفصيل خلق الإِنسان فقال عليه الصلاة والسلام: اكتبها فكذلك نزلت، فشك عبد الله وقال لئن كان محمد صادقاً لقد أوحي إليّ كما أوحي إليه ولئن كان كاذباً لقد قلت كما قال) .

وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ كالذين قالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا. وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ حذف مفعوله لدلالة الظرف عليه أي ولو ترى الظالمين. فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ شَدَائده من غمره الماء إذا غشيه. وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ يقبض أرواحهم كالمتقاضي الملظ أو بالعذاب. أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ أي يقولون لهم أخرجوها إلينا من أجسادكم تغليظاً وتعنيفاً عليهم، أو أخرجوها من العذاب وخلصوها من أيدينا. الْيَوْمَ يريدون وقت الإِماتة، أو الوقت الممتد من الإِماتة إلى ما لا نهاية له.

تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ أي الهوان يريدون العذاب المتضمن لشدة وإهانة، فإضافته إلى الهون لعراقته وتمكنه فيه. بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ كادعاء الولد والشريك له ودعوى النبوة والوحي كاذبا. وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ فلا تتأملون فيها ولا تؤمنون.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ٩٤]]

وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤)

وَلَقَدْ جِئْتُمُونا للحساب والجزاء. فُرادى منفردين عن الأموال والأولاد وسائر ما آثرتموه من الدنيا، أو عن الأعوان والأوثان التي زعمتم أنها شفعاؤكم، وهو جمع فرد والألف للتأنيث ككسالى. وقرئ «فراد» كرخال و «فراد» كثلاث و «فردي» كسكرى. كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بدل منه أي على الهيئة التي ولدتم عليها في الانفراد، أو حال ثانية إن جوز التعدد فيها، أو حال من الضمير في فُرادى أي مشبهين ابتداء خلقكم عراة حفاة غرلاً بهما، أو صفة مصدر جِئْتُمُونا أي مجيئنا كما خلقناكم. وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْناكُمْ ما تفضلنا به عليكم في الدنيا فشغلتم به عن الآخرة. وَراءَ ظُهُورِكُمْ ما قدمتم منه شيئاً ولم تحتملوا نقيراً.

وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ أي شركاء لله في ربوبيتكم واستحقاق عبادتكم.

لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ أي تقطع وصلكم وتشتت جمعكم، والبين من الأضداد يستعمل للوصل والفصل. وقيل هو الظرف أسند إليه الفعل اتساعاً والمعنى: وقع التقطع بينكم، ويشهد له قراءة نافع والكسائي وحفص عن عاصم بالنصب على إضمار الفاعل لدلالة ما قبله عليه، أو أقيم مقام موصوفة وأصله لقد تقطع ما بينكم وقد قرئ به. وَضَلَّ عَنْكُمْ ضاع وبطل. مَّا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أنها شفعاؤكم أو أن لا بعث ولا جزاء.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ٩٥]]

إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥)

إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى بالنبات والشجر. وقيل المراد به الشقاق الذي في الحنطة والنواة. يُخْرِجُ الْحَيَّ يريد به ما ينمو من الحيوان والنبات ليطابق ما قبله. مِنَ الْمَيِّتِ

مما لا ينمو كالنطف والحب.

وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ومخرج ذلك من الحيوان والنبات، ذكره بلفظ الاسم حملاً على فالق الحب فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>