للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنهم في مقابلتهم.

لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ ما يشاءونه من النعيم، ولعله تقصر همم كل طائفة على ما يليق برتبته إذ الظاهر أن الناقص لا يدرك شأو الكامل بالتشهي، وفيه تنبيه على أن كل المرادات لا تحصل إلا في الجنة.

خالِدِينَ حال من أحد ضمائرهم. كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا الضمير في كانَ ل ما يَشاؤُنَ والوعد الموعود أي: كان ذلك موعودا حقيقاً بأن يسأل ويطلب، أو مسؤولاً سأله الناس في دعائهم رَبَّنا وَآتِنا مَا وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ. أو الملائكة بقولهم رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ، وما في عَلى من معنى الوجوب لامتناع الخلف في وعده تعالى ولا يلزم منه الإِلجاء إلى الإِنجاز، فإن تعلق الإِرادة بالوعود مقدم على الوعد الموجب للإنجاز.

[[سورة الفرقان (٢٥) : آية ١٧]]

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧)

ويوم نحشرهم للجزاء، وقرئ بكسر الشين وقرأ ابن كثير ويعقوب وحفص بالياء. وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعم كل معبود سواه تعالى، واستعمال مَا إما لأن وضعه أعم ولذلك يطلق لكل شبح يرى ولا يعرف، أو لأنه أريد به الوصف كأنه قيل ومعبودهم أو لتغليب الأصنام تحقيراً أو اعتبار الغلبة عبادها، أو يخص الملائكة وعزيراً والمسيح بقرينة السؤال والجواب، أو الأصنام ينطقها الله أو تتكلم بلسان الحال كما قيل في كلام الأيدي والأرجل. فَيَقُولُ أي للمعبودين وهو على تلوين الخطاب، وقرأ ابن عامر بالنون.

أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ لإِخلالهم بالنظر الصحيح وإعراضهم عن المرشد النصيح، وهو استفهام تقريع وتبكيت للعبدة، وأصله أأضللتم أم ضَلُّوا فغير النظم ليلي حرف الاستفهام المقصود بالسؤال وهو المتولي للفعل دونه لأنه لا شبهه فيه وإلا لما توجه العتاب، وحذف صلة الضل مبالغة.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ١٨ الى ١٩]

قالُوا سُبْحانَكَ مَا كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً (١٨) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (١٩)

قالُوا سُبْحانَكَ تعجباً مما قيل لهم لأنهم إما ملائكة أو أنبياء معصومون، أو جمادات لا تقدر على شيء أو إشعاراً بأنهم الموسومون بتسبيحه وتوحيده فكيف يليق بهم إضلال عبيده، أو تنزيهاً لله تعالى عن الأنداد. مَا كانَ يَنْبَغِي لَنا ما يصح لنا. أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ للعصمة أو لعدم القدرة فكيف يصح لنا أن ندعو غيرنا أن يتولى أحدا دونك، وقرئ نَتَّخِذَ على البناء للمفعول من اتخذ الذي له مفعولان كقوله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا ومفعوله الثاني مِنْ أَوْلِياءَ ومِنْ للتبعيض وعلى الأول مزيدة لتأكيد النفي. وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ بأنواع النعم فاستغرقوا في الشهوات. حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ حتى غفلوا عن ذكرك أو التذكر لآلائك والتدبر في آياتك، وهو نسبة للضلال إليهم من حيث إنه بكسبهم وإسناد له إلى ما فعل الله بهم فحملهم عليه، وهو عين ما ذهبنا إليه فلا ينتهض حجة علينا للمعتزلة.

وَكانُوا في قضائك. قَوْماً بُوراً هالكين مصدر وصف به ولذلك يستوي فيه الواحد والجمع، أو جمع بائر كعائذ وعوذ.

فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ التفات إلى العبدة بالاحتجاج والإِلزام على حذف القول والمعنى فقد كذبكم المعبودون. بِما تَقُولُونَ في قولكم إنهم آلهة أو هؤلاء أضلونا والباء بمعنى في، أو مع المجرور بدل من

<<  <  ج: ص:  >  >>