للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدها الكلام. وَفارَ التَّنُّورُ نبع الماء منه وارتفع كالقدر تفور، والتَّنُّورُ تنور الخبز ابتدأ منه النبوع على خرق العادة وكان في الكوفة في موضع مسجدها، أو في الهند أو بعين وردة من أرض الجزيرة وقيل التنور وجه الأرض أو أشرف موضع فيها. قُلْنَا احْمِلْ فِيها في السفينة. مِنْ كُلٍّ من كل نوع من الحيوانات المنتفع بها. زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ذكراً وأنثى هذا على قراءة حفص والباقون أضافوا على معنى احمل اثنين من كل صنف ذكر وصنف أنثى. وَأَهْلَكَ عطف على زَوْجَيْنِ أو اثْنَيْنِ، والمراد امرأته وبنوه ونساؤهم.

إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بأنه من المغرقين يريد ابنه كنعان وأمه واعلة فإنهما كانا كافرين. وَمَنْ آمَنَ والمؤمنين من غيرهم. وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ قيل كانوا تسعة وسبعين زوجته المسلمة وبنوه الثلاثة سام وحام ويافث ونساؤهم واثنان وسبعون رجلاً وامرأة من غيرهم.

روي أنه عليه الصلاة والسلام اتخذ السفينة في سنتين من الساج وكان طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين وسمكها ثلاثين، وجعل لها ثلاثة بطون فحمل في أسفلها الدواب والوحش وفي أوسطها الإِنس وفي أعلاها الطير.

[[سورة هود (١١) : آية ٤١]]

وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١)

وَقالَ ارْكَبُوا فِيها أي صيروا فيها وجعل ذلك ركوباً لأنها في الماء كالمركوب في الأرض. بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها متصل ب ارْكَبُوا حال من الواو أي اركبوا فيها مسمين الله أو قائلين باسم الله وقت إجرائها وإرسائها، أو مكانهما على أن المجرى والمرسى للوقت أو المكان أو المصدر، والمضاف محذوف كقولهم: آتيك خفوق النجم، وانتصابهما بما قدرناه حالاً ويجوز رفعهما ب بِسْمِ اللَّهِ على أن المراد بهما المصدر أو جملة مِنْ مبتدأ وخبر، أي إجراؤها بِسْمِ اللَّهِ على أن بِسْمِ اللَّهِ خبر أو صلة والخبر محذوف وهي إما جملة مقتضية لا تعلق لها بما قبلها أو حال مقدرة من الواو أو الهاء.

وروي أنه كان إذا أراد أن تجري قال بسم الله فجرت، وإذا أراد أن ترسو قال بسم الله فرست.

ويجوز أن يكون الاسم مقحماً كقوله:

ثُم اسمُ السلامِ عليكُما. وقرأ حمزة والكسائي وعاصم برواية حفص مَجْراها بالفتح من جرى وقرئ «مرساها» أيضاً من رسا وكلاهما يحتمل الثلاثة و «مجريها ومرسيها» بلفظ الفاعل صفتين لله. إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ أي لولا مغفرته لفرطاتكم ورحمته إياكم لما نجاكم.

[[سورة هود (١١) : آية ٤٢]]

وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢)

وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ متصل بمحذوف دل عليه ارْكَبُوا فركبوا مسمين وهي تجري وهم فيها. فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ في موج من الطوفان، وهو ما يرتفع من الماء عند اضطرابه كل موجة منها كجبل في تراكمها وارتفاعها، وما قيل من أن الماء طبق ما بين السماء والأرض وكانت السفينة تجري في جوفه ليس بثابت، والمشهور أنه علا شوامخ الجبال خمسة عشر ذراعاً وإن صح فلعل ذلك قبل التطبيق. وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ كنعان، وقرئ «ابنها» و «ابنه» بحذف الألف على أن الضمير لامرأته، وكان ربيبه وقيل كان لغير رشدة لقوله تعالى: فَخانَتاهُما وهو خطأ إذ الأنبياء عصمن من ذلك والمراد بالخيانة الخيانة في الدين، وقرئ «ابناه» على الندبة ولكونها حكاية سوغ حذف الحرف. وَكانَ فِي مَعْزِلٍ عزل فيه نفسه عن أبيه أو عن دينه مفعل للمكان من عزله عنه إذا أبعده. يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا في السفينة، والجمهور كسروا الياء ليدل على ياء الإِضافة المحذوفة في جميع القرآن، غير ابن كثير فإنه وقف عليها في «لقمان» في الموضع الأول باتفاق الرواة وفي الثالث في رواية قنبل وعاصم فإنه فتح ها هنا اقتصاراً على الفتح من الألف المبدلة من ياء الإِضافة، واختلفت الرواية عنه في سائر المواضع وقد أدغم الباء في الميم أبو عمرو والكسائي وحفص لتقاربهما. وَلا

<<  <  ج: ص:  >  >>