[[سورة الإسراء (١٧) : آية ١٢]]
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢)
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ تدلان على القادر الحكيم بتعاقبهما على نسق واحد بإمكان غيره.
فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ أي الآية التي هي الليل، بالإِشراق والإِضافة فيهما للتبيين كإضافة العدد إلى المعدود.
وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً مضيئة أو مبصرة للناس من أبصره فبصر، أو مبصراً أهله كقولهم: أجبن الرجل إذا كان أهله جبناء. وقيل الآيتان القمر والشمس، وتقدير الكلام وجعلنا نيري الليل والنهار آيتين، أو جعلنا الليل والنهار ذوي آيتين ومحو آية الليل التي هي القمر جعلها مظلمة في نفسها مطموسة النور، أو نقص نورها شيئاً فشيئاً إلى المحاق، وجعل آية النهار التي هي الشمس مبصرة جعلها ذات شعاع تبصر الأشياء بضوئها.
لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ لتطلبوا في بياض النهار أسباب معاشكم وتتوصلوا به إلى استبانة أعمالكم.
وَلِتَعْلَمُوا باختلافهما أو بحركاتهما. عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وجنس الحساب. وَكُلَّ شَيْءٍ تفتقرون إليه في أمر الدين والدنيا. فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا بيناه بياناً غير ملتبس.
[[سورة الإسراء (١٧) : آية ١٣]]
وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣)
وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ عمله وما قدر له كأنه طير إليه من عش الغيب ووكر القدر، لما كانوا يتيمنون ويتشاءمون بسنوح الطائر وبروحه، استعير لما هو سبب الخير والشر من قدر الله تعالى وعمل العبد.
فِي عُنُقِهِ لزوم الطوق في عنقه. وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً هي صحيفة عمله أو نفسه المنتقشة بآثار أعماله، فإن الأعمال الاختيارية تحدث في النفس أحوالاً ولذلك يفيد تكريرها لها ملكات، ونصبه بأنه مفعول أو حال من مفعول محذوف، وهو ضمير الطائر ويعضده قراءة يعقوب ويخرج من خرج و «يخرج» وقرئ «ويخرج» أي الله عز وجل يَلْقاهُ مَنْشُوراً لكشف الغطاء، وهما صفتان للكتاب، أو يَلْقاهُ صفة ومَنْشُوراً حال من مفعوله. وقرأ ابن عامر يَلْقاهُ على البناء للمفعول من لقيته كذا.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٤ الى ١٥]
اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٤) مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (١٥)
اقْرَأْ كِتابَكَ على إرادة القول. كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً أي كفى نفسك، والباء مزيدة وحَسِيباً تمييز وعلى صلته لأنه إما بمعنى الحاسب كالصريم بمعنى الصارم وضريب القداح بمعنى ضاربها من حسب عليه كذا أو بمعنى الكافي فوضع موضع الشهيد، لأنه يكفي المدعي ما أهمه، وتذكيره على أن الحساب والشهادة مما يتولاه الرجال أو على تأويل النفس بالشخص.
مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها لا ينجي اهتداؤه غيره ولا يردي ضلاله سواه. وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ولا تحمل نفس حاملة وزراً وزر نفس أخرى، بل إنما تحمل وزرها.
وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا يبين الحجج ويمهد الشرائع فيلزمهم الحجة، وفيه دليل على أن لا وجوب قبل الشرع.
[[سورة الإسراء (١٧) : آية ١٦]]
وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (١٦)
وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً
وإذا تعلقت إرادتنا بإهلاك قوم لإنفاذ قضائنا السابق، أو دنا وقته المقدر كقولهم: إذا أراد المريض أن يموت ازداد مرضه شدة. أَمَرْنا مُتْرَفِيها
متنعميها بالطاعة على لسان رسول