للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كظهر أمي، مأخوذ من الظهر باعتبار اللفظ كالتلبية من لبيك وتعديته بمن لتضمنه معنى التجنب لأنه كان طلاقاً في الجاهلية وهو في الإِسلام يقتضي الطلاق أو الحرمة إلى أداء الكفارة كما عدي آلى بها، وهو بمعنى حلف وذكر الظهر للكناية عن البطن الذي هو عموده فإن ذكره يقارب ذكر الفرج، أو للتغليظ في التحريم فإنهم كانوا يحرمون إتيان المرأة وظهرها إلى السماء، وأدعياء جمع دعي على الشذوذ وكأنه شبه بفعيل بمعنى فاعل فجمع جمعه. ذلِكُمْ إشارة إلى ما ذكر أو إلى الأخير. قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ

لا حقيقة له في الأعيان كقول الهاذي. وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ ما له حقيقة عينية مطابقة له. وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ سبيل الحق.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥]]

ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥)

ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ أنسبوهم إليهم، وهو أفراد للمقصود من أقواله الحقة وقوله: هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ تعليل له، والضمير لمصدر ادْعُوهُمْ وأَقْسَطُ افعل تفضيل قصد به الزيادة مطلقاً من القسط بمعنى العدل ومعناه البالغ في الصدق. فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فتنسبوهم إليهم. فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ أي فهم إخوانكم في الدين. وَمَوالِيكُمْ وأولياؤكم فيه فقولوا هذا أخي ومولاي بهذا التأويل. وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ ولا إثم عليكم فيما فعلتموه من ذلك مخطئين قبل النهي أو بعده على النسيان أو سبق اللسان. وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ولكن الجناح فيما تعمدت قلوبكم أو ولكن ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح. وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً لعفوه عن المخطئ. واعلم أن التبني لا عبرة به عندنا وعند أبي حنيفة يوجب عتق مملوكه ويثبت النسب لمجهوله الذي يمكن إلحاقه به.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٦]]

النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٦)

النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ في الأمور كلها فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم بخلاف النفس، فلذلك أطلق فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم وأمره أنفذ عليهم من أمرها وشفقتهم عليه أتم من شفقتهم عليها.

روي: أنه عليه الصلاة والسلام أراد غزوة تبوك فأمر الناس بالخروج فقال ناس: نستأذن آباءنا وأمهاتنا فنزلت.

وقرئ «وهو أب لهم» أي في الدين فإن كل نبي أب لأمته من حيث أنه أصل فيما به الحياة الأبدية ولذلك صار المؤمنون إخوة. وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ منزلات منزلتهن في التحريم واستحقاق التعظيم وفيما عدا ذلك فكالأجنبيات، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: لسنا أمهات النساء. وَأُولُوا الْأَرْحامِ وذوو القرابات. بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ في التوارث وهو نسخ لما كان في صدر الإِسلام من التوارث بالهجرة والموالاة في الدين. فِي كِتابِ اللَّهِ في اللوح أو فيما أنزل، وهو هذه الآية أو آية المواريث أو فيم فرض الله. مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ بيان لأولي الأرحام، أو صلة لأولي أي أولوا الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحق الدين ومن المهاجرين بحق الهجرة. إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً استثناء من أعم ما يقدر الأولوية فيه من النفع والمراد بفعل المعروف التوصية أو منقطع كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً كان ما ذكر في الآيتين ثابتاً في اللوح أو القرآن. وقيل في التوراة.

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٧ الى ٨]

وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (٨)

وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ مقدر باذكر وميثاقهم عهودهم بتبليغ الرسالة والدعاء إلى الدين القيم.

وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ خصهم بالذكر لأنهم مشاهير أرباب الشرائع وقدم نبينا

<<  <  ج: ص:  >  >>