[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٠٥ الى ١٠٧]
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لاَّ تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٧)
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ عن مآل أمرها وقد سأل عنها رجل من ثقيف. فَقُلْ لهم. يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً يجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها.
فَيَذَرُها فيذر مقارها، أو الأرض وإضمارها من غير ذكر لدلالة الْجِبالِ عليها كقوله: مَا تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ. قَاعاً خالياً صَفْصَفاً مستوياً كأن أجزاءها على صف واحد.
لاَّ تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً اعوجاجاً ولا نتواً إن تأملت فيها بالقياس الهندسي، وثلاثتها أحوال مترتبة فالأولان باعتبار الإِحساس والثالث باعتبار المقياس ولذلك ذكر العوج بالكسر وهو يخص بالمعاني، والأمت وهو النتوء اليسير وقيل لا ترى استئناف مبين للحالين.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٠٨ الى ١٠٩]
يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (١٠٨) يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (١٠٩)
يَوْمَئِذٍ أي يوم إذ نسفت على إضافة اليوم إلى وقت النسف، ويجوز أن يكون بدلاً ثانياً من يوم القيامة. يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ داعي الله إلى المحشر، قيل هو إسرافيل يدعو الناس قائماً على صخرة بيت المقدس فيقبلون من كل أوب إلى صوبه لاَ عِوَجَ لَهُ لا يعوج له مدعو ولا يعدل عنه. وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ خفضت لمهابته. فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً صوتاً خفياً ومنه الهميس لصوت أخفاف الإِبل، وقد فسر الهمس بخفق أقدامهم ونقلها إلى المحشر.
يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ الاستثناء من الشفاعة أي إلا شفاعة من أذن له أو من أعم المفاعيل، أي إلا من أذن في أن يشفع له فإن الشفاعة تنفعه، فَ مَنْ على الأول مرفوع على البدلية وعلى الثاني منصوب على المفعولية وأَذِنَ يحتمل أن يكون من الاذن ومن الأذن. وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا أي ورضي لمكانه عند الله قوله في الشفاعة أو رضي لأجله قول الشافع في شأنه، أو قوله لأجله وفي شأنه.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ١١٠ الى ١١١]
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (١١٠) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١)
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ما تقدمهم من الأحوال. وَما خَلْفَهُمْ وما بعدهم مما يستقبلونه. وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ولا يحيط علمهم بمعلوماته، وقيل بذاته وقيل الضمير لأحد الموصولين أو لمجموعهما، فإنهم لم يعلموا جميع ذلك ولا تفصيل ما علموا منه.
وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ذلت وخضعت له خضوع العناة وهم الأساري في يد الملك القهار، وظاهرها يقتضي العموم ويجوز أن يراد بها وجوه المجرمين فتكون اللام بدل الإِضافة ويؤيده. وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً وهو يحتمل الحال والاستئناف لبيان ما لأجله عنت وجوههم.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ١١٢ الى ١١٣]
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (١١٢) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣)
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ بعض الطاعات. وَهُوَ مُؤْمِنٌ إذ الإِيمان شرط في صحة الطاعات وقبول