على ساقه، يفعيل من قطن بالمكان إذا أقام به، والأكثر على أنها كانت الدباء غطته بأوراقها عن الذباب فإنه لا يقع عليه، ويدل عليه أنه
قيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنك لتحب القرع، قال: «أجل هي شجرة أخي يونس» .
وقيل التين وقيل الموز تغطى بورقه واستظل بأغصانه وأفطر على ثماره.
وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ هم قومه الذين هرب عنهم وهم أهل نينوى، والمراد به ما سبق من إرساله أو إرسال ثان إليهم أو إلى غيرهم. أَوْ يَزِيدُونَ في مرأى الناظر أي إذا نظر إليهم، قال هم مائة ألف أو يزيدون والمراد الوصف بالكثرة وقرئ بالواو.
فَآمَنُوا فصدقوه أو فجددوا الإِيمان به بمحضره. فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ إلى أجلهم المسمى، ولعله إنما لم يختم قصته وقصة لوط بما ختم به سائر القصص تفرقة بينهما وبين أرباب الشرائع الكبر وأولى العزم من الرسل، أو اكتفاء بالتسليم الشامل لكل الرسل المذكورين في آخر السورة.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٤٩ الى ١٥٢]
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (١٥٠) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٥٢)
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ معطوف على مثله، في أول السورة أمر رسوله أولاً باستفتاء قريش عن وجه إنكارهم البعث، وساق الكلام في تقريره جاراً لما يلائمه من القصص موصولاً بعضها ببعض، ثم أمر باستفتائهم عن وجه القسمة حيث جعلوا لله البنات ولأنفسهم البنين في قولهم: الملائكة بنات الله، وهؤلاء زادوا على الشرك ضلالات أخر، التجسيم وتجويز الفناء على الله تعالى، فإن الولادة مخصوصة بالأجسام الكائنة الفاسدة، وتفضيل أنفسهم عليه حيث جعلوا أوضع الجنسين له وأرفعهما لهم، واستهانتهم بالملائكة حيث أنثوهم ولذلك كرر الله تعالى إنكار ذلك وإبطاله في كتابه مراراً، وجعله مما تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا، والإِنكار ها هنا مقصور على الأخيرين لاختصاص هذه الطائفة بهما، أو لأن فسادهما مما تدركه العامة بمقتضى طباعهم حيث جعل المعادل للاستفهام عن التقسيم.
أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ وإنما خص علم المشاهدة لأن أمثال ذلك لا تعلم إلا بها، فإن الأنوثة ليست من لوازم ذاتهم لتمكن معرفته بالعقل الصرف مع ما فيه من الاستهزاء، والإشعار بأنهم لفرط جهلهم يبتون به كأنهم قد شاهدوا خلقهم.
أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ لعدم ما يقتضيه وقيام ما ينفيه. وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فيما يتدينون به، وقرئ «وَلَدَ الله» أي الملائكة ولده، فعل بمعنى مفعول يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٥٣ الى ١٥٧]
أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٥٧)
أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ استفهام إنكار واستبعاد، والاصطفاء أخذ صفوة الشيء، وعن نافع كسر الهمزة على حذف حرف الاستفهام لدلالة أم بعدها عليها أو على الإِثبات بإضمار القول أي: لكاذبون في قولهم اصطفى، أو إبداله من وَلَدَ اللَّهُ.
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ بما لا يرتضيه عقل.
أَفَلا تَذَكَّرُونَ أنه منزه عن ذلك.
أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ حجة واضحة نزلت عليكم من السماء بأن الملائكة بناته.