للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وهو منع صريح من التقليد في الأصول. أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ يحتمل أن يكون الضمير لَهُمْ ولآبائهم. إِلى عَذابِ السَّعِيرِ إلى ما يؤول إليه من التقليد أو الإِشراك وجواب لو محذوف مثل لاتبعوه، والإِستفهام للإنكار والتعجب.

وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ بأن فوض أمره إليه وأقبل بشراشره عليه من أسلمت المتاع إلى الزبون، ويؤيده القراءة بالتشديد وحيث عدى باللام فلتضمن معنى الإخلاص. وَهُوَ مُحْسِنٌ في عمله. فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى تعلق بأوثق ما يتعلق به، وهو تمثيل للمتوكل المشتغل بالطاعة بمن أراد أن يترقى إلى شاهق جبل فتمسك بأوثق عرى الحبل المتدلي منه. وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ إذ الكل صائر إليه.

[سورة لقمان (٣١) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]

وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤)

وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ فإنه لا يضرك في الدنيا والآخرة، وقرئ «فَلاَ يَحْزُنكَ» من أحزن وليس بمستفيض. إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ في الدارين. فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا بالإِهلاك والتعذيب. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ فمجازٍ عليه فضلاً عما في الظاهر.

نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا تمتيعاً أو زماناً قليلاً فإن ما يزول بالنسبة إلى ما يدوم قليل. ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ يثقل عليهم ثقل الأجرام الغلاظ أو يضم إلى الإحراق الضغط.

[سورة لقمان (٣١) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦)

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ لوضوح الدليل المانع من إسناد الخلق إلى غيره بحيث اضطروا إلى إذعانه. قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ على إلزامهم والجائهم إلى الإِعتراف بما يوجب بطلان معتقدهم.

بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ أن ذلك يلزمهم.

لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يستحق العبادة فيهما غيره إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ عن حمد الحامدين.

الْحَمِيدُ المستحق للحمد وإن لم يحمد.

[[سورة لقمان (٣١) : آية ٢٧]]

وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧)

وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ ولو ثبت كون الأشجار أقلاماً، وتوحيد شَجَرَةٍ لأن المراد تفصيل الآحاد. وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ والبحر المحيط بسعته مداداً ممدوداً بسبعة أبحر، فأغنى عن ذكر المداد يمده لأنه من مد الدواة وأمدها، ورفعه للعطف على محل أن ومعموليها ويمده حال أو للابتداء على أنه مستأنف أو الواو للحال، ونصبه البصريان بالعطف على اسم أَنَّ أو إضمار فعل يفسره يَمُدُّهُ، وقرئ «تمده» «ويمده» بالياء والتاء. مَّا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد وإيثار جمع القلة للإشعار بأن ذلك لا يفي بالقليل فكيف بالكثير. إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يعجزه شيء. حَكِيمٌ لا يخرج عن علمه وحكمته أمر، والآية جواب لليهود سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو أمروا وفد قريش أن يسألوه عن قوله تعالى: وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وقد أنزل التوراة وفيها علم كل شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>