وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا إنما قالوه تبجحاً بحالهم وشماتة بأصحاب النار وتحسيراً لهم، وإنما لم يقل ما وعدكم كما قال مَّا وَعَدَنا لأن ما ساءهم من الموعود لم يكن بأسره مخصوصاً وعده بهم، كالبعث والحساب ونعيم أهل الجنة. قالُوا نَعَمْ وقرأ الكسائي بكسر العين وهما لغتان. فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ قيل هو صاحب الصور. بَيْنَهُمْ بين الفريقين.
أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وقرأ ابن كثير في رواية للبزي وابن عامر وحمزة والكسائي أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ بالتشديد والنصب. وقرئ «إِن» بالكسر على إرادة القول أو إجراء أذن مجرى قال.
الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ صفة للظالمين مقررة، أو ذم مرفوع أو منصوب. وَيَبْغُونَها عِوَجاً زيغاً وميلاً عما هو عليه، والعوج بالكسر في المعاني والأعيان ما لم تكن منتصبة، وبالفتح ما كان في المنتصبة، كالحائط والرمح. وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٦ الى ٤٧]
وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ (٤٦) وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لاَ تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٧)
وَبَيْنَهُما حِجابٌ أي بين الفريقين لقوله تعالى: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ أو بين الجنة والنار ليمنع وصول أثر إحداهما إلى الأخرى. وَعَلَى الْأَعْرافِ وعلى أعراف الحجاب أي أعاليه، وهو السور المضروب بينهما جمع عرف مستعار من عرف الفرس وقيل العرف ما ارتفع من الشيء فإنه يكون لظهوره أعرف من غيره. رِجالٌ طائفة من الموحدين قصروا في العمل فيحبسون بين الجنة والنار حتى يقضي الله سبحانه وتعالى فيهم ما يشاء وقيل قوم علت درجاتهم كالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أو الشهداء رضي الله تعالى عنهم، أو خيار المؤمنين وعلمائهم، أو ملائكة يرون في صورة الرجال. يَعْرِفُونَ كُلًّا من أهل الجنة والنار. بِسِيماهُمْ بعلامتهم التي أعلمهم الله بها كبياض الوجه وسواده، فعلى من سام إبله إذا أرسلها في المرعى معلمة، أو من وسم على القلب كالجاه من الوجه، وإنما يعرفون ذلك بالإلهام أو تعليم الملائكة.
وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ أي إذا نظروا إليهم سلموا عليهم. لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ حال من الواو على الوجه الأول ومن أصحاب على الوجوه الباقية.
وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا نعوذ بالله. رَبَّنا لاَ تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي في النار.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٨ الى ٤٩]
وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا مَا أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (٤٨) أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٤٩)
وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ من رؤساء الكفرة. قالُوا مَا أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ كثرتكم أو جمعكم المال. وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ عن الحق، أو على الخلق. وقرئ «تستكثرون» من الكثرة.
أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ من تتمة قولهم للرجال، والإِشارة إلى ضعفاء أهل الجنة الذين كانت الكفرة يحتقرونهم في الدنيا ويحلفون أن الله لا يدخلهم الجنة ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ أي فالتفتوا إلى أصحاب الجنة وقالوا لهم ادخلوا وهو أوفق للوجوه الأخيرة، أو فقيل لأصحاب الأعراف ادخلوا الجنة بفضل الله سبحانه وتعالى بعد أن حبسوا حتى أبصروا الفريقين وعرفوهم وقالوا لهم ما