وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ هم قوم شعيب كانوا يسكنون الغيضة فبعثه الله إليهم فكذبوه فأهلكوا بالظلة، والْأَيْكَةِ الشجرة المتكاثفة.
فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ بالإِهلاك. وَإِنَّهُما يعني سدوم والأيكة. وقيل الأيكة ومدين فإنه كان مبعوثاً إليهما فكان ذكر إحداهما منبهاً على الأخرى. لَبِإِمامٍ مُبِينٍ لبطريق واضح، والإِمام اسم ما يؤتم به فسمي به الطريق ومطمر البناء واللوح لأنها مما يؤتم به.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٨٠ الى ٨١]
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٨١)
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ يعني ثمود، كذبوا صالحاً، ومن كذب واحداً من الرسل فكأنما كذب الجميع، ويجوز أن يكون المراد بالمرسلين صالحاً ومن معه من المؤمنين، والْحِجْرِ واد بين المدينة والشأم يسكنونه.
وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ يعني آيات الكتاب المنزل على نبيهم، أو معجزاته كالناقة وسقيها وشربها ودرها، أو ما نصب لهم من الأدلة.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٨٢ الى ٨٤]
وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (٨٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٤)
وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ من الانهدام ونقب اللصوص وتخريب الأعداء لوثاقتها، أو من العذاب لفرط غفلتهم أو حسبانهم أن الجبال تحميهم منه.
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَكْسِبُونَ من بناء البيوت الوثيقة واستكثار الأموال والعدد.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٨٥ الى ٨٦]
وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨٦)
وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ إلا خلقاً ملتبساً بالحق لا يلائم استمرار الفساد ودوام الشرور، فلذلك اقتضت الحكمة إهلاك أمثال هؤلاء وإزاحة فسادهم من الأرض. وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فينتقم الله لك فيها ممن كذبك. فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ولا تعجل بانتقام منهم وعاملهم معاملة الصفوح الحليم. وقيل هو منسوخ بآية السيف.
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الذي خلقك وخلقهم وبيده أمرك وأمرهم. الْعَلِيمُ بحالك وحالهم فهو حقيق بأن تكل ذلك إليه ليحكم بينكم، أو هو الذي خلقكم وعلم الأصلح لكم، وقد علم أن الصفح اليوم أصلح، وفي مصحف عثمان وأبَيِّ رضي الله عنهما «هو الخالق» ، وهو يصلح للقليل والكثير والْخَلَّاقُ يختص بالكثير.
[[سورة الحجر (١٥) : آية ٨٧]]
وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧)
وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً سبع آيات وهي الفاتحة. وقيل سبع سور وهي الطوال وسابعتها «الأنفال» و «التوبة» فإنهما في حكم سورة ولذلك لم يفصل بينهما بالتسمية. وقيل «التوبة» وقيل «يونس» أو الحواميم السبع. وقيل سبع صحائف وهي الأسباع. مِنَ الْمَثانِي بيان للسبع والمثاني من التثنية، أو الثناء فإن كل ذلك مثنى تكرر قراءته، أو ألفاظه أو قصصه ومواعظه أو مثني عليه بالبلاغة والاعجاز، أو مثن على الله بما هو أهله من صفاته