للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير وأبو عمرو ولا تقبل بالتاء.

وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ يمنعون من عذاب الله، والضمير لما دلت عليه النفس الثانية المنكرة الواقعة في سياق النفس من النفوس الكثيرة، وتذكيره بمعنى العباد. أو الأناسي والنصر أخص من المعونة لاختصاصه بدفع الضر. وقد تمسكت المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لأهل الكبائر، وأجيب بأنها مخصوصة بالكفار للآيات والأحاديث الواردة في الشفاعة، ويؤيده أن الخطاب معهم، والآية نزلت رداً لما كانت اليهود تزعم أن آباءهم تشفع لهم.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٤٩]]

وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩)

وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ تفصيل لما أجمله في قوله: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وعطف على نِعْمَتِيَ، وقرئ «أنجيتكم» . وأصل آلِ أهل لأن تصغيره أهيل، وخص بالإضافة إلى أولي الخطر كالأنبياء والملوك. وفِرْعَوْنَ لقب لمن ملك العمالقة ككسرى وقيصر لملكي الفرس والروم. ولعتوهم اشتق منه تفرعن الرجل إذا عتا وتجبر، وكان فرعون موسى، مصعب بن ريان، وقيل ابنه وليد من بقايا عاد. وفرعون يوسف عليه السلام، ريان وكان بينهما أكثر من أربعمائة سنة.

يَسُومُونَكُمْ يبغونكم، من سامه خسفاً إذا أولاه ظلماً، وأصل السوم الذهاب في طلب الشيء.

سُوءَ الْعَذابِ أفظعه فإنه قبيح بالإضافة إلى سائره، والسوء مصدر ساء يسوء ونصبه على المفعول ليسومونكم، والجملة حال من الضمير في نجيناكم، أو من آلِ فِرْعَوْنَ، أو منهما جميعاً لأن فيها ضمير كل واحد منهما.

يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ بيان ليسومونكم ولذلك لم يعطف، وقرئ «يَذْبَحُونَ» بالتخفيف.

وإنما فعلوا بهم ذلك لأن فرعون رأى في المنام، أو قال له الكهنة: سيولد منهم من يذهب بملكه، فلم يرد اجتهادهم من قدر الله شيئاً.

وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ محنة، إن أشير بذلكم إلى صنيعهم، ونعمة إن أشير به إلى الإنجاء، وأصله الاختبار لكن لما كان اختبار الله تعالى عباده تارة بالمنحة أطلق عليهما، ويجوز أن يشار بذلكم إلى الجملة ويراد به الامتحان الشائع بينهما.

مِنْ رَبِّكُمْ بتسليطهم عليكم، أو ببعث موسى عليه السلام وتوفيقه لتخليصكم، أو بهما. عَظِيمٌ صفة بلاء. وفي الآية تنبيه على أن ما يصيب العبد من خير أو شر إختبار من الله تعالى، فعليه أن يشكر على مساره ويصبر على مضاره ليكون من خير المختبرين.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٥٠]]

وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠)

وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فلقناه وفصلنا بين بعضه وبعض حتى حصلت فيه مسالك بسلوككم فيه. أو بسبب إنجائكم، أو ملتبساً بكم كقوله:

تَدُوسُ بِنَا الجَمَاجِمَ والتّريبا وقرئ «فَرَقْنَا» على بناء التكثير لأن المسالك كانت اثني عشر بعدد الأسباط.

فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ أراد به فرعون وقومه، واقتصر على ذكرهم للعلم بأنه كان أولى به،

<<  <  ج: ص:  >  >>