للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناصر لكم، وهذا تنبيه على المقتضى للتوكل وتحريض على ما يستحق به النصر من الله وتحذير عما يستجلب خذلانه. وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فليخصوه بالتوكل عليه لما علموا أن لا ناصر لهم سواه وآمنوا به.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٦١]]

وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦١)

وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وما صح لنبي أن يخون في الغنائم فإن النبوة تنافي الخيانة، يقال غل شيئاً من المغنم يغل غلولاً وأغل إغلالاً إذا أخذه في خفية والمراد منه: إما براءة الرسول عليه السلام عما اتهم به إذ

روي أن قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض المنافقين لعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخذها، أو ظن به الرماة يوم أحد حين تركوا المركز للغنيمة وقالوا نخشى أن يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أخذ شيئاً فهو له ولا يقسم الغنائم

. وإما المبالغة في النهي للرسول صلّى الله عليه وسلّم على ما

روي أنه بعث طلائع، فغنم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقسم على من معه ولم يقسم للطلائع فنزلت

. فيكون تسمية حرمان بعض المستحقين غلولاً تغليظاً ومبالغة ثانية. وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي ويعقوب أَنْ يَغُلَّ على البناء للمفعول والمعنى: وما صح له أَن يوجد غالاً أو أن ينسب إلى الغلول. وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ

يأت بالذي غله يحمله على عنقه كما جاء في الحديث

أو بما احتمل من وباله وإثمه. ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ يعني تعطي جزاء ما كسبت وافياً، وكان اللائق بما قبله أن يقال ثم يوفى ما كسبت لكنه عمم الحكم ليكون كالبرهان على المقصود والمبالغة فيه، فإنه إذا كان كل كاسب مجزياً بعمله فالغال مع عظم جرمه بذلك أولى. وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ فلا ينقص ثواب مطيعهم ولا يزاد في عقاب عاصيهم.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٦٢ الى ١٦٣]

أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٦٣)

أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ بالطاعة. كَمَنْ باءَ رجع. بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ بسبب المعاصي. وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ الفرق بينه وبين المرجع إن المصير يجب أن يخالف الحالة الأولى ولا كذلك المرجع.

هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ شبهوا بالدرجات لما بينهم من التفاوت في الثواب والعقاب، أو هم ذوو درجات. وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ عالم بأعمالهم ودرجاتهم صادرة عنهم فيجازيهم على حسبها.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٦٤]]

لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١٦٤)

لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أنعم على من آمن مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم من قومه وتخصيصهم مع أن نعمة البعثة عامة لزيادة انتفاعهم بها. وقرئ «لمن من الله» على أنه خبر مبتدأ محذوف مثل منه أو بعثه. إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ من نسبهم، أو من جنسهم عربياً مثلهم ليفهموا كلامه بسهولة ويكونوا واقفين على حاله في الصدق والأمانة مفتخرين به. وقرئ «من أَنفُسِهِمْ» أي من أشرفهم لأنه عليه السلام كان من أشرف قبائل العرب وبطونهم. يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ أي القرآن بعد ما كانوا جهالاً لم يسمعوا الوحي. وَيُزَكِّيهِمْ يطهرهم من دنس الطباع وسوء الاعتقاد والأعمال. وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ أي القرآن والسنة. وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أن هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة والمعنى وإن الشأن كانوا من قبل بعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم في ضلال ظاهر.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٦٥]]

أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>