وَعَلَى الثَّلاثَةِ وتاب على الثلاثة كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع. الَّذِينَ خُلِّفُوا تخلفوا عن الغزو أو خلف أمرهم فإنهم المرجؤون. حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ أي برحبها لإِعراض الناس عنهم بالكلية وهو مثل لشدة الحيرة. وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ قلوبهم من فرط الوحشة والغم بحيث لا يسعها أنس ولا سرور. وَظَنُّوا وعلموا. أَنْ لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ من سخطه. إِلَّا إِلَيْهِ إلا إلى استغفاره. ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ بالتوفيق للتوبة. لِيَتُوبُوا أو أنزل قبول توبتهم ليعدوا من جملة التائبين، أو رجع عليهم بالقبول والرحمة مرة بعد أخرى ليستقيموا على توبتهم. إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ لمن تاب ولو عاد في اليوم مائة مرة. الرَّحِيمُ المتفضل عليهم بالنعم.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ فيما لا يرضاه وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ في إيمانهم وعهودهم، أو في دين الله نية وقولا وعملا. وقرئ «من الصادقين» أي في توبتهم وإنابتهم فيكون المراد به هؤلاء الثلاثة وأضرابهم.
[[سورة التوبة (٩) : آية ١٢٠]]
مَا كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١٢٠)
مَا كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ نهي عبر عنه بصيغة النفي للمبالغة. وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ولا يصونوا أنفسهم عما لم يصن نفسه عنه ويكابدوا معه ما يكابده من الأهوال.
روي: (أن أبا خيثمة بلغ بستانه، وكانت له زوجة حسناء فرشت له في الظل وبسطت له الحصير وقربت إليه الرطب والماء البارد، فنظر فقال: ظل ظليل، ورطب يانع وماء بارد وامرأة حسناء ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الضح والريح ما هذا بخير، فقام فرحل ناقته وأخذ سيفه ورمحه ومر كالريح، فمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طرفه إلى الطريق فإذا براكب يزهاه السراب فقال: كن أبا خيثمة فكانه ففرح به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واستغفر له)
وفي لا يَرْغَبُوا يجوز النصب والجزم. ذلِكَ إشارة إلى ما دل عليه قوله ما كان من النهي عن التخلف أو وجوب المشايعة. بِأَنَّهُمْ بسبب أنهم. لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ شيء من العطش. وَلا نَصَبٌ تعب. وَلا مَخْمَصَةٌ مجاعة. فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَؤُنَ ولا يدوسون. مَوْطِئاً مكاناً. يَغِيظُ الْكُفَّارَ يغضبهم وطؤه. وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا كالقتل والأسر والنهب. إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إلا استوجبوا به الثواب وذلك مما يوجب المشايعة. إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ على إحسانهم، وهو تعليل ل كُتِبَ وتنبيه على أن الجهاد إحسان، أما في حق الكفار فلأنه سعى في تكميلهم بأقصى ما يمكن كضرب المداوي للمجنون، وأما في حق المؤمنين فلأنه صيانة لهم عن سطوة الكفار واستيلائهم.
[[سورة التوبة (٩) : آية ١٢١]]
وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢١)
وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً ولو علاَّقة. وَلا كَبِيرَةً مثل ما أنفق عثمان رضي الله تعالى عنه في جيش العسرة. وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً في مسيرهم وهو كل منعرج ينفذ فيه السيل اسم فاعل من ودي إذا سال فشاع بمعنى الأرض. إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ أثبت لهم ذلك. لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ بذلك. أَحْسَنَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ جزاء أحسن أعمالهم أو أحسن جزاء أعمالهم.