يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي شرط ذكره بحرف الشك للتنبيه على أن إتيان الرسل أمر جائز غير واجب كما ظنه أهل التعليم، وضمت إليها ما لتأكيد معنى الشرط ولذلك أكد فعلها بالنون وجوابه: فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ والمعنى فمن اتقى التكذيب وأصلح عمله منكم والذين كذبوا بآياتنا منكم، وإدخال الفاء في الخبر الأول دون الثاني للمبالغة في الوعد والمسامحة في الوعيد.
[[سورة الأعراف (٧) : آية ٣٧]]
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (٣٧)
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ ممن تقول على الله ما لم يقله أو كذب ما قاله.
أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ مما كتب لهم من الأرزاق والآجال. وقيل الكتاب اللوح المحفوظ أي مما أثبت لهم فيه. حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ أي يتوفون أرواحهم، وهو حال من الرسل وحتى غاية لنيلهم وهي التي يبتدأ بعدها الكلام. قالُوا جواب إذا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي أين الآلهة التي كنتم تعبدونها، وما وصلت بأين في خط المصحف وحقها الفصل لأنها موصولة. قالُوا ضَلُّوا عَنَّا غابوا عنا. وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ اعترفوا بأنهم كانوا ضالين فيما كانوا عليه.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٣٨ الى ٣٩]
قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ (٣٨) وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩)
قالَ ادْخُلُوا أي قال الله تعالى لهم يوم القيامة، أو أحد من الملائكة. فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ أي كائنين في جملة أمم مصاحبين لهم يوم القيامة. مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ يعني كفار الأمم الماضية عن النوعين. فِي النَّارِ متعلق بادخلوا. كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ أي في النار. لَعَنَتْ أُخْتَها التي ضلت بالاقتداء بها. حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً أي تداركوا وتلاحقوا واجتمعوا في النار. قالَتْ أُخْراهُمْ دخولاً أو منزلة وهم الأتباع. لِأُولاهُمْ أي لأجل أولاهم إذ الخطاب مع الله لا معهم. رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا سنوا لنا الضلال فاقتدينا بهم فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ مضاعفاً لأنهم ضلوا وأضلوا. قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ أما القادة فبكفرهم وتضليلهم، وأما الأتباع فبكفرهم وتقليدهم. وَلكِنْ لاَّ تَعْلَمُونَ ما لكم أو ما لكل فريق. وقرأ عاصم بالياء على الانفصال.
وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ عطفوا كلامهم على جواب الله سبحانه وتعالى «لاِخْرَاهُمْ» ورتبوه عليه أي فقد ثبت أن لا فضل لَكُمْ علينا وإنا وإياكم متساوون في الضلال واستحقاق العذاب. فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ من قول القادة أو من قول الفريقين.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٠ الى ٤١]
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١)