إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ شر ما يدب على الأرض، أو شر البهائم. الصُّمُّ عن الحق. الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ إياه، عدهم من البهائم ثم جعلهم شرها لإِبطالهم ما ميزوا به وفضلوا لأجله.
وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً سعادة كتبت لهم أو انتفاعاً بالآيات. لَأَسْمَعَهُمْ سماع تفهم. وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ وقد علم أن لا خير فيهم. لَتَوَلَّوْا ولم ينتفعوا به، أو ارتدوا بعد التصديق والقبول. وَهُمْ مُعْرِضُونَ لعنادهم. وقيل كانوا يقولون للنبي صلّى الله عليه وسلّم: أحي لنا قصياً فإنه كان شيخاً مباركاً حتى يشهد لك ونؤمن بك. والمعنى لأسمعهم كلام قصي.
[[سورة الأنفال (٨) : آية ٢٤]]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ بالطاعة. إِذا دَعاكُمْ وحد الضمير فيه لما سبق ولأن دعوة الله تسمع من الرسول.
وروي أنه عليه الصلاة والسلام مر على أبي وهو يصلي فدعاه فعجل في صلاته ثم جاء فقال: ما منعك عن إجابتي قال: كنت أصلي، قال: «ألم تخبر فيما أوحي إلي»
اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ. واختلف فيه فقيل هذا لأن إجابته لا تقطع الصلاة فإن الصلاة أيضاً إجابة. وقيل لأن دعاءه كان لأمر لا يحتمل التأخير وللمصلي أن يقطع الصلاة لمثله وظاهر الحديث يناسب الأول. لِما يُحْيِيكُمْ من العلوم الدينية فإنها حياة القلب والجهل موته. قال:
لاَ تعْجَبَنَّ الجَهُولَ حِلَّته ... فَذَاكَ مَيتٌ وَثَوْبُهُ كَفَن
أو مما يورثكم الحياة الأبدية في النعيم الدائم من العقائد والأعمال، أو من الجهاد فإنه سبب بقائكم إذ لو تركوه لغلبهم العدو وقتلهم، أو الشهادة لقوله تعالى: بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ تمثيل لغاية قربه من العبد كقوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ وتنبيه على أنه مطلع على مكنونات القلوب مما عسى يغفل عنه صاحبها، أو حث على المبادرة إلى إخلاص القلوب وتصفيتها قبل أن يحول الله بينه وبين قلبه بالموت أو غيره، أو تصوير وتخييل لتملكه على العبد قلبه فيفسخ عزائمه ويغير مقاصده ويحول بينه وبين الكفر إن أراد سعادته، وبينه وبين الإِيمان إن قضى شقاوته. وقرئ بين المرّ بالتشديد على حذف الهمزة وإلقاء حركتها على الراء وإجراء الوصل الوقف على لغة من يشدد فيه. وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ فيجازيكم بأعمالكم.
[[سورة الأنفال (٨) : آية ٢٥]]
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥)
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً اتقوا ذنباً يعمكم أثره كإقرار المنكر بين أظهركم والمداهنة في الأمر بالمعروف وافتراق الكلمة وظهور البدع والتكاسل في الجهاد على أن قوله لا تصيبن إما جواب الأمر على معنى أن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصة بل تعمكم، وفيه أن جواب الشرط متردد فلا يليق به النون المؤكدة لكنه لما تضمن معنى النهي ساغ فيه كقوله تعالى: ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ وأما صفة ل فِتْنَةً، ولا للنفي وفيه شذوذ لأن النون لا تدخل المنفي في غير القسم، أو لنهي على إرادة القول كقوله:
حتى إذا جن الظلام واختلط ... جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط
وَإما جواب قسم محذوف كقراءة من قرأ لتصيبن وإن اختلفا في المعنى، ويحتمل أن يكون نهياً بعد الأمر باتقاء الذنب عن التعرض للظلم فإن وباله يصيب الظالم خاصة ويعود عليه، ومن في منكم على الوجوه