أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً يمنع العذاب منه بشفاعة أو غيرها.
أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ أَمْ منقطعة ومعنى الهمزة إنكار أن يكون لهم نصيب من الملك وجحد لما زعمت اليهود من أن الملك سيصير إليهم. فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً أي لو كان لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون أحداً ما يوازي نقيرا، وهو النقرة في ظهر النواة. وهذا هو الإغراق في بيان شحهم فإنهم إن بخلوا بالنقير وهم ملوك فما ظنك بهم إذا كانوا فقراء أذلاء متفاقرين، ويجوز أن يكون المعنى إنكار أنهم أوتوا نصيباً من الملك على الكناية، وأنهم لا يؤتون الناس شيئاً وإذا وقع بعد الواو والفاء لا لتشريك مفرد جاز فيه الإلغاء والإِعمال، ولذلك قرئ فإذاً لا يؤتوا الناس على النصب.
[سورة النساء (٤) : الآيات ٥٤ الى ٥٥]
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (٥٤) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (٥٥)
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ بل أيحسدون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، أو العرب، أو الناس جميعاً لأن من حسد على النبوة فكأنما حسد الناس كلهم كمالهم. ورشدهم وبخهم وأنكر عليهم الحسد كما ذمهم على البخل وهما شر الرذائل وكأن بينهما تلازماً وتجاذباً. عَلى مَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ يعني النبوة والكتاب والنصرة والإِعزاز وجعل النبي الموعود منهم. فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الذين هم أسلاف محمد صلّى الله عليه وسلّم وأبناء عمه. الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ النبوة. وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فلا يبعد أن يؤتيه الله مثل ما آتاهم.
فَمِنْهُمْ من اليهود. مَنْ آمَنَ بِهِ بمحمد صلّى الله عليه وسلّم أو بما ذكر من حديث آل إبراهيم. وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ أعرض عنه ولم يؤمن به وقيل معناه فمن آل إبراهيم من آمن به ومنهم من كفر ولم يكن في ذلك توهين أمره فكذلك لا يوهن كفر هؤلاء أمرك. وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ناراً مسعورة يعذبون بها أي إن لم يعجلوا بالعقوبة فقد كفاهم ما أعد لهم من سعير جهنم.
[سورة النساء (٤) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (٥٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (٥٧)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كالبيان والتقرير لذلك. كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها بأن يعاد ذلك الجلد بعينه على صورة أخرى كقولك: بدلت الخاتم قرطاً، أو بأن يزال عنه أثر الإِحراق ليعود إحساسه للعذاب كما قال: لِيَذُوقُوا الْعَذابَ أي ليدوم لهم ذوقه. وقيل يخلق لهم مكانه جلد آخر والعذاب في الحقيقة للنفس العاصية المدركة لا لآلة إدراكها فلا محذور. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً لا يمتنع عليه ما يريده. حَكِيماً يعاقب على وفق حكمته.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قدم ذكر الكفار ووعيدهم على ذكر المؤمنين ووعدهم لأن الكلام فيهم، وذكر المؤمنين بالعرض. لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا فينانا لا جوب فيه ودائماً لا تنسخه الشمس، وهو إشارة إلى النعمة التامة الدائمة. والظليل صفة مشتقة من الظل لتأكيده كقولهم: شمس شامس وليل أليل ويوم أيوم.
[[سورة النساء (٤) : آية ٥٨]]
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (٥٨)
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها خطاب يعم المكلفين والأمانات،
وإن نزلت يوم الفتح في