[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]
فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٥٦) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٥٧)
فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ. وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فنوفيهم أُجُورَهُمْ تفسير للحكم وتفصيل له. وقرأ حفص فَيُوَفِّيهِمْ بالياء. وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ تقرير لذلك.
[[سورة آل عمران (٣) : آية ٥٨]]
ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨)
ذلِكَ إشارة إلى ما سبق من نبأ عيسى وغيره، وهو مبتدأ خبره. نَتْلُوهُ عَلَيْكَ وقوله: مِنَ الْآياتِ حال من الهاء ويجوز أن يكون الخبر ونتلوه حالاً على أن العامل معنى الإِشارة وأن يكونا خبرين وأن ينتصب بمضمر يفسره نتلوه. وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ المشتمل على الحكم، أو المحكم الممنوع عن تطرق الخلل إليه يريد به القرآن. وقيل اللوح.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٥٩ الى ٦٠]
إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠)
إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ إن شأنه الغريب كشأن آدم عليه الصلاة والسلام. خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ جملة مفسرة للتمثيل مبينة لما به الشبه، وهو أنه خلق بلا أب كما خلق آدم من التراب بلا أب وأم، شبه حاله بما هو أعرب منه إفحاماً للخصم وقطعاً لمواد الشبهة والمعنى خلق قالبه من التراب. ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ أي أنشأه بشراً كقوله تعالى: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ أو قدر تكوينه من التراب ثم كونه، ويجوز أن يكون ثم لتراخي الخبر لا المخبر. فَيَكُونُ حكاية حال ماضية.
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ خبر محذوف أي هو الحق، وقيل الْحَقُّ مبتدأ ومِنْ رَبِّكَ خبره أي الحق المذكور من الله تعالى. فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم على طريقة التهييج لزيادة الثبات أو لكل سامع.
[[سورة آل عمران (٣) : آية ٦١]]
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (٦١)
فَمَنْ حَاجَّكَ من النصاري. فِيهِ في عيسى. مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ أي من البينات الموجبة للعلم. فَقُلْ تَعالَوْا هلموا بالرأي والعزم. نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ أي يدع كل منا ومنكم نفسه وأعزة أهله وألصقهم بقلبه إلى المباهلة ويحمل عليها، وإنما قدمهم على الأنفس لأن الرجل يخاطر بنفسه لهم ويحارب دونهم. ثُمَّ نَبْتَهِلْ أي نتباهل بأن نلعن الكاذب منا. والبهلة بالضم والفتح اللعنة وأصله الترك من قولهم بهلت الناقة إذا تركتها بلا صرار. فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ عطف فيه بيان
روي (أنهم لما دعوا إلى المباهلة قالوا حتى ننظر فلما تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم: ما ترى؟
فقال: والله لقد عرفتم نبوته، ولقد جاءكم بالفصل في أمر صاحبكم والله ما باهل قوم نبياً إلا هلكوا، فإن أبيتم إلا إلف دينكم فوادعوا الرجل وانصرفوا، فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد غدا محتضناً الحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي رضي الله عنه خلفها وهو يقول: إذا أنا دعوت فأمنوا، فقال أسقفهم يا معشر النصارى إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله فلا تباهلوا فتهلكوا، فأذعنوا