للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ

بسبب مشاقتهم لهما واشتقاقه من الشق لأن كلاً من المتعادين في شق خلاف شق الآخر كالمعاداة من العدوة والمخاصمة من الخصم وهو الجانب. مَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ

تقرير للتعليل أو وعيد بما أعد لهم في الآخرة بعد ما حاق بهم في الدنيا.

ذلِكُمْ الخطاب فيه مع الكفرة على طريقة الالتفات ومحله الرفع أي: الأمر ذلكم أو ذلكم واقع أو نصب يفعل دل عليه. فَذُوقُوهُ أو غيره مثل باشروا أو عليكم فتكون الفاء عاطفة. وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ عطف على ذلكم أو نصب على المفعول معه، والمعنى ذوقوا ما عجل لكم مع ما أجل لكم في الآخرة. ووضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على أن الكفر سبب العذاب الآجل أو الجمع بينهما.

وقرئ وَأَنْ بالكسر على الاستئناف.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ١٥ الى ١٦]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً كثيراً بحيث يرى لكثرتهم كأنهم يزحفون، وهو مصدر زحف الصبي إذا دب على مقعده قليلاً قليلاً، سمي به وجمع على زحوف وانتصابه على الحال. فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ بالانهزام فضلاً أن يكونوا مثلكم أو أقل منكم، والأظهر أنها محكمة مخصوصة بقوله: حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ الآية، ويجوز أن ينتصب زحفاً حالاً من الفاعل والمفعول أي: إذا لقيتموهم متزاحفين يدبون إليكم وتدبون إليهم فلا تنهزموا، أو من الفاعل وحده ويكون إشعاراً بما سيكون منهم يوم حنين حين تولوا وهم إِثنا عشر ألفاً.

وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ يريد الكر بعد الفر وتغرير العدو، فإنه من مكايد الحرب.

أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ أو منحازاً إلى فئة أخرى من المسلمين على القرب ليستعين بهم، ومنهم من لم يعتبر القرب لما

روى ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان في سرية بعثهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ففروا إلى المدينة فقلت: يا رسول الله نحن الفرارون فقال: «بل أنتم العكارون وأنا فئتكم» .

وانتصاب متحرفاً ومتحيزاً على الحال وإلا لغو لا عمل لها، أو الاستثناء من المولين أي إلا رجلاً متحرفاً أو متحيزاً، ووزن متحير متفيعل لا متفعل وإلا لكان متحوزاً لأنه من حاز يحوز. فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ هذا إذا لم يزد العدو على الضعف لقوله: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ الآية، وقيل الآية مخصوصة بأهل بيته والحاضرين معه في الحرب.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ١٧ الى ١٨]

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧) ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (١٨)

فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ بقوتكم. وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ بنصركم وتسليطكم عليهم وإلقاء الرعب في قلوبهم.

روي: أنه لما طلعت قريش من العقنقل قال عليه الصلاة والسلام: هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك، اللهم إني أسألك ما وعدتني فأتاه جبريل عليه السلام وقال له: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فلما التقى الجمعان تناول كفاً من الحصباء فرمى بها في وجوههم وقال «شاهت الوجوه» ، فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم، ثم لما انصرفوا أقبلوا على التفاخر فيقول الرجل قتلت وأسرت، فنزلت.

والفاء جواب شرط محذوف تقديره: إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم ولكن الله

<<  <  ج: ص:  >  >>