وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ يعني البروج الاثني عشر شبهت بالقصور لأنها تنزلها السيارات وتكون فيها الثوابت، أو منازل القمر أو عظام الكواكب سميت بروجاً لظهورها، أو أبواب السماء فإن النوازل تخرج منها وأصل التركيب للظهور.
وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ يوم القيامة.
وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ومن يشهد في ذلك اليوم من الخلائق وما أحضر فيه من العجائب، وتنكيرهما للإبهام في الوصف أي وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ لا يكتنه وصفهما، أو المبالغة في الكثرة كأنه قيل: ما أفرطت كثرته من شاهد ومشهود، أو النبي عليه الصلاة والسلام وأمته، أو أمته وسائر الأمم، أو كل نبي وأمته، أو الخالق والخلق، أو عكسه فإن الخالق مطلع على خلقه وهو شاهد على وجوده، أو الملك الحفيظ والمكلف أو يوم النحر، أو عرفة والحجيج، أو يوم الجمعة والجمع فإنه يشهد له أو كل يوم وأهله.
[[سورة البروج (٨٥) : آية ٤]]
قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤)
قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ قيل إنه جواب القسم على تقدير لقد قُتِلَ، والأظهر أنه دليل جواب محذوف كأنه قيل إنهم ملعونون يعني كفار مكة كما لعن أصحاب الأخدود، فإن السورة وردت لتثبيت المؤمنين على أذاهم وتذكيرهم بما جرى على من قبلهم، والأخدود الخد وهو الشق في الأرض ونحوهما بناء ومعنى الحق والأحقوق.
روي مرفوعاً: أن ملكاً كان له ساحر فلما كبر ضم إليه غلاماً ليعلمه، وكان في طريقه راهب فمال قلبه إليه، فرأى في طريقه ذات يوم حية قد حبست الناس فأخذ حجراً وقال: اللَّهم إن كان الراهب أحب إليه من الساحر فاقتلها فقتلها، وكان الغلام بعد يبرئ الأكمه والأبرص ويشفي من الأدواء، وعمي جليس الملك فأبرأه، فسأله الملك عمن أبرأه فقال ربي فغضب فعذبه فدل على الغلام فعذبه، فدل على الراهب فقده بالمنشار، وأرسل الغلام إلى جبل ليطرح من ذروته، فدعا فرجف بالقوم فهلكوا ونجا، وأجلسه في سفينة ليغرق فدعا فانكفأت السفينة بمن معه فغرقوا ونجا، فقال للملك لست بقاتلي حتى تجمع الناس وتصلبني وتأخذ سهماً من كنانتي وتقول: بسم الله رب هذا الغلام، ثم ترميني به فرماه فوقع في صدغه فمات، فآمن الناس برب الغلام، فأمر بأخاديد وأوقدت فيها النيران، فمن لم يرجع منهم طرحه فيها حتى جاءت امرأة معها صبي فتقاعست فقال الصبي: يا أماه اصبري فإنك على الحق فاقتحمت. وعن علي رضي الله تعالى عنه: كان بعض ملوك المجوس خطب الناس وقال: إن الله أحل نكاح الأخوات فلم يقبلوه، فأمر بأخاديد النار فطرح فيها من أبى، وقيل لما تنصر نجران غزاهم ذو نواس اليهودي من حمير فأحرق في الأخاديد من لم يرتد.