للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ بالبؤس والضر. لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ حتى يتضرعوا ويتذللوا.

ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ أي أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والشدة السلامة والسعة ابتلاء لهم بالأمرين. حَتَّى عَفَوْا كثروا عَدَداً وعُدَداً يقال عفا النبات إذا كثر ومنه إعفاء اللحى. وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ كفراناً لنعمة الله ونسياناً لذكره واعتقاداً بأنه من عادة الدهر يعاقب في الناس بين الضراء والسراء وقد مس آباءنا منه مثل ما مسنا. فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فجأة. وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ بنزول العذاب.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٩٦ الى ٩٧]

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ (٩٧)

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى يعني القرى المدلول عليها بقوله: وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ وقيل مكة وما حولها. آمَنُوا وَاتَّقَوْا مكان كفرهم وعصيانهم. لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لوسعنا عليهم الخير ويسرناه لهم من كل جانب وقيل المراد المطر والنبات. وقرأ ابن عامر لَفَتَحْنا بالتشديد. وَلكِنْ كَذَّبُوا الرسل. فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من الكفر والمعاصي.

أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى عطف على قوله: فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ وما بينهما اعتراض والمعنى:

أبعد ذلك أمن أهل القرى. أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً تبييتاً أو وقت بيات أو مبيتاً أو مبيتين، وهو في الأصل مصدر بمعنى البيتوتة ويجيء بمعنى التبييت كالسلام بمعنى التسليم. وَهُمْ نائِمُونَ حال من ضميرهم البارز أو المستتر في بياتا.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٩٨ الى ٩٩]

أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ (٩٩)

أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر أَوْ بالسكون على الترديد. أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى ضحوة النهار، وهو في الأصل ضوء الشمس إذا ارتفعت: وَهُمْ يَلْعَبُونَ يلهون من فرط الغفلة، أو يشتغلون بما لا ينفعهم.

أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ تكرير لقوله: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى ومَكْرَ اللَّهِ استعارة لاستدراج العبد وأخذه مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ. فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ الذين خسروا بالكفر وترك النظر والاعتبار.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٠٠]]

أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ (١٠٠)

أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أي يخلفون من خلا قبلهم ويرثون ديارهم، وإنما عدي يهد باللام لأنه بمعنى يبين. أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ أن الشأن لو نشاء أصبناهم بجزاء ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم، وهو فاعل يهد ومن قرأه بالنون جعله مفعولاً. وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ عطف على ما دل عليه، أو لم يهد أي يغفلون عن الهداية أو منقطع عنه بمعنى ونحن نطبع، ولا يجوز عطفه على أصبناهم على

<<  <  ج: ص:  >  >>