للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً قدوة للضلال بالحمل على الإِضلال، وقيل بالتسمية كقوله تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً، أو بمنع الألطاف الصارفة عنه. يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ إلى موجباتها من الكفر والمعاصي. وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لاَ يُنْصَرُونَ بدفع العذاب عنهم.

وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً طرداً عن الرحمة، أو لعن اللاعنين يلعنهم الملائكة والمؤمنون. وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ من المطرودين، أو ممن قبح وجوههم.

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٤٣]]

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣)

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التوراة. مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى أقوام نوح وهود وصالح ولوط.

بَصائِرَ لِلنَّاسِ أنواراً لقلوبهم تتبصر بها الحقائق وتميز بين الحق والباطل. وَهُدىً إلى الشرائع التي هي سبل الله تعالى. وَرَحْمَةً لأنهم لو عملوا بها نالوا رحمة الله سبحانه وتعالى. لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ليكونوا على حال يرجى منهم التذكر، وقد فسر بالإِرادة وفيه ما عرفت.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٤٤ الى ٤٥]

وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٤) وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٤٥)

وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ يريد الوادي، أو الطور فإنه كان في شق الغرب من مقام موسى، أو الجانب الغربي منه والخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أي ما كنت حاضراً. إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ إذ أوحينا إليه الأمر الذي أردنا تعريفه. وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ للوحي إليه أو على الوحي إليه، وهم السبعون المختارون الميقات، والمراد الدلالة على أن إخباره عن ذلك من قبيل الإِخبار عن المغيبات التي لا تعرف إِلا بالوحي ولذلك استدرك عنه بقوله:

وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أي ولكنا أوحينا إليك لأنا أنشأنا قروناً مختلفة بعد موسى فتطاولت عليهم المدد، فحرفت الأخبار وتغيرت الشرائع واندرست العلوم، فحذف المستدرك وأقام سببه مقامه. وَما كُنْتَ ثاوِياً مقيماً. فِي أَهْلِ مَدْيَنَ شعيب والمؤمنين به. تَتْلُوا عَلَيْهِمْ تقرأ عليهم تعلماً منهم. آياتِنا التي فيها قصتهم. وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ إياك ومخبرين لك بها.

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٤٦]]

وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَّا أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٦)

وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا لعل المراد به وقت ما أعطاه التوراة وبالأول حين ما استنبأه لأنهما المذكوران في القصد. وَلكِنْ علمناك. رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وقرئت بالرفع على هذه رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ.

لِتُنْذِرَ قَوْماً متعلق بالفعل المحذوف. مَّا أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لوقوعهم في فترة بينك وبين عيسى، وهي خمسمائة وخمسون سنة، أو بينك وبين إسماعيل، على أن دعوة موسى وعيسى كانت مختصة ببني إسرائيل وما حواليهم. لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يتعظون.

<<  <  ج: ص:  >  >>