للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير تحقق ووثوق ببرهان، فيفتضح على رؤوس الأشهاد ويلقي نفسه إلى الهلاك، فكيف وقد انضم إليه معجزات كثيرة. وقيل مَا استفهامية والمعنى: ثم تتفكروا أي شيء به من آثار الجنون: إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ قدامه لأنه مبعوث في نسم الساعة.

[[سورة سبإ (٣٤) : آية ٤٧]]

قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧)

قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ أي شيء سألتكم من أجر على الرسالة. فَهُوَ لَكُمْ والمراد نفي السؤال عنه، كأنه جعل التنبي مستلزماً لأحد الأمرين إما الجنون وإما توقع نفع دنيوي عليه، لأنه إما أن يكون لغرض أو لغيره وأياً ما كان يلزم أحدهما ثم نفى كلاً منهما. وقيل مَا موصولة مراد بها ما سألهم بقوله: ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا وقوله: لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى واتخاذ السبيل ينفعهم وقرباه قرباهم. إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ مطلع يعلم صدقي وخلوص نيتي، وقرأ ابن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي بإسكان الياء.

[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٤٨ الى ٤٩]

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩)

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ يلقيه وينزله على من يجتبيه من عباده، أو يرمي به الباطل فيدمغه أو يرمي به إلى أقطار الآفاق، فيكون وعداً بإظهار الإِسلام وإفشائه. وقرأ نافع وأبو عمرو بفتح الياء. عَلَّامُ الْغُيُوبِ صفة محمولة على محل إِنَّ واسمها، أو بدل من المستكن في يَقْذِفُ أو خبر ثان أو خبر محذوف.

وقرئ بالنصب صفة ل رَبِّي أو مقدراً بأعني. وقرأ حمزة وأبو بكر «الغيوب» بالكسر كالبيوت وبالضم كالعشور، وقرئ بالفتح كالصبور على أنه مبالغة غائب.

قُلْ جاءَ الْحَقُّ أي الإِسلام. وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ وزهق الباطل أي الشرك بحيث لم يبق له أثر مأخوذ من هلاك الحي، فإنه إذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة قال:

أَقْفَر مِنْ أَهْلِهِ عبيد ... فَالْيَوْمَ لاَ يُبْدِي وَلاَ يُعِيد

وقيل الباطل إبليس أو الصنم، والمعنى لا ينشئ خلقاً ولا يعيده، أو لا يبدئ خيراً لأهله ولا يعيده.

وقيل مَا استفهامية منتصبة بما بعدها.

[[سورة سبإ (٣٤) : آية ٥٠]]

قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠)

قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ عن الحق. فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي فإن وبال ضلالي عليها لأنه بسببها إذ هي الجاهلة بالذات والأمارة بالسوء، وبهذا الاعتبار قابل الشرطية بقوله: وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي فإن الاهتداء بهدايته وتوفيقه. إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ يدرك قول كل ضال ومهتد وفعله وإن أخفاه.

[[سورة سبإ (٣٤) : آية ٥١]]

وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١)

وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا عند الموت أو البعث أو يوم بدر، وجواب لَوْ محذوف تقديره لرأيت أمراً فظيعاً. فَلا فَوْتَ فلا يفوتون الله بهرب أو تحصن. وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ من ظهر الأرض إلى بطنها، أو من الموقف إلى النار أو من صحراء بدر إلى القليب، والعطف على فَزِعُوا أو لا فوت ويؤيده أنه قرئ «وأخذ» عطفاً على محله أي: فلا فوت هناك وهناك أخذ.

[[سورة سبإ (٣٤) : آية ٥٢]]

وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢)

.

<<  <  ج: ص:  >  >>