[سورة يونس (١٠) : الآيات ١٠٠ الى ١٠١]
وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (١٠٠) قُلِ انْظُرُوا ماذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ (١٠١)
وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ بالله. إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ إلا بإرادته وألطافه وتوفيقه فلا تجهد نفسك في هداها فإنه إلى الله. وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ العذاب أو الخذلان فإنه سببه. وقرئ بالزاي وقرأ أبو بكر «ونجعل» بالنون.
عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ لا يستعملون عقولهم بالنظر في الحجج والآيات، أو لا يعقلون دلائله وأحكامه لما على قلوبهم من الطبع ويؤيد الأول قوله:
قُلِ انْظُرُوا أي تفكروا. مَاذَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من عجائب صنعه لتدلكم على وحدته وكمال قدرته، وماذا إن جعلت استفهامية علقت انْظُرُوا عن العمل. وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ في علم الله وحكمه وَما نافية أو استفهامية في موضع النصب.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ١٠٢ الى ١٠٣]
فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٣)
فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ مثل وقائعهم ونزول بأس الله بهم إذ لا يستحقون غيره من قولهم أيام العرب لوقائعها. قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ
لذلك أو فانتظروا هلاكي إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرِينَ هلاككم.
ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا عطف على محذوف دل عليه إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا كأنه قيل:
نهلك الأمم ثم ننجي رسلنا ومن آمن بهم، على حكاية الحال الماضية. كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ كذلك الإِنجاء أو إنجاء كذلك ننجي محمداً وصحبه حين نهلك المشركين، وحَقًّا عَلَيْنا اعتراض ونصبه بفعله المقدر. وقيل بدل من كذلك. وقرأ حفص والكسائي نُنَجِّي مخففا.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ١٠٤ الى ١٠٥]
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٤) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٥)
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب لأهل مكة. إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي وصحته. فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ فهذا خلاصة ديني اعتقاداً وعملاً فاعرضوها على العقل الصرف وانظروا فيها بعين الإِنصاف لتعلموا صحتها وهو أني لا أعبد ما تخلقونه وتعبدونه، ولكن أعبد خالقكم الذي هو يوجدكم ويتوفاكم. وإنما خص التوفي بالذكر للتهديد. وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بما دل عليه العقل ونطق به الوحي، وحذف الجار من أن يجوز أن يكون من المطرد مع أن وأن يكون من غيره كقوله:
أَمَرْتُكَ الخَيْرَ فَافْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِه ... فَقَدْ تَرَكْتُكَ ذَا مَالٍ وَذَا نَسَبِ
وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ عطف على أَنْ أَكُونَ غير أَنْ صلة أَنْ محكية بصيغة الأمر، ولا فرق بينهما في الغرض لأن المقصود وصلها بما يتضمن معنى المصدر لتدل معه عليه، وصيغ الأفعال كلها كذلك سواء الخبر منها والطلب، والمعنى وأمرت بالاستقامة في الدين والاستبداد فيه بأداء الفرائض، والانتهاء عن القبائح، أو في الصلاة باستقبال القبلة. حَنِيفاً حال من الدين أو الوجه. وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
[سورة يونس (١٠) : الآيات ١٠٦ الى ١٠٧]
وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧)