الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن أيدي الكفار إلى المدينة فإنه المبدأ له، أو بتأييده إياه بالملائكة في هذه المواطن أو بحفظه ونصره له حيث حضر. وقرأ يعقوب وَكَلِمَةُ اللَّهِ بالنصب عطفاً على كلمة الَّذِينَ، والرفع أبلغ لما فيه من الإِشعار بأن كَلِمَةُ اللَّهِ عالية في نفسها وإن فاق غيرها فلا ثبات لتفوقه ولا اعتبار ولذلك وسط الفصل. وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ في أمره وتدبيره.
[[سورة التوبة (٩) : آية ٤١]]
انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١)
انْفِرُوا خِفافاً لنشاطكم له. وَثِقالًا عنه لمشقته عليكم، أو لقلة عيالكم ولكثرتها أو ركباناً ومشاة، أو خفافاً وثقالاً من السلاح، أو صحاحاً ومراضاً ولذلك
لما قال ابن أم مكتوم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أعلي أن أنفر قال «نعم» . حتى نزل لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ.
وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بما أمكن لكم منهما كليهما أو أحدهما. ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ من تركه. إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الخير علمتم أنه خير، أو إن كنتم تعلمون أنه خير إذ إخبار الله تعالى به صدق فبادروا إليه.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٤٢ الى ٤٣]
لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (٤٣)
لَوْ كانَ عَرَضاً أي لو كان ما دعوا إليه نفعاً دنيوياً. قَرِيباً سهل المأخذ. وَسَفَراً قاصِداً متوسطاً. لَاتَّبَعُوكَ لوافقوك. وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ أي المسافة التي تقطع بمشقة. وقرئ بكسر العين والشين. وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ أي المتخلفون إذا رجعت من تبوك معتذرين. لَوِ اسْتَطَعْنا يقولون لو كان لنا استطاعة العدة أو البدن. وقرئ «لَوِ استطعنا» بضم الواو تشبيهاً لها بواو الضمير في قوله: اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ. لَخَرَجْنا مَعَكُمْ ساد مسد جوابي القسم والشرط، وهذا من المعجزات لأنه إخبار عما وقع قبل وقوعه. يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ بإيقاعها في العذاب، وهو بدل من سيحلفون لأن الحلف الكاذب إيقاع للنفس في الهلاك أو حال من فاعله. وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ في ذاك لأنهم كانوا مستطيعين الخروج.
عَفَا اللَّهُ عَنْكَ كناية لا عن خطئه في الإِذن فإن العفو من روادفه. لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ بيان لما كني عنه بالعفو ومعاتبة عليه، والمعنى لأي شيء أذنت لهم في القعود حين استأذنوك واعتلوا بأكاذيب وهلا توقفت.
حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا في الاعتذار. وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ فيه. قيل إنما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئين لم يؤمر بهما، أخذه للفداء وإذنه للمنافقين فعاتبه الله عليهما.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٤٤ الى ٤٥]
لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)
لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أي ليس من عادة المؤمنون: أن يستأذنوك في أن يجاهدوا فإن الخلص منهم يبادرون إليه ولا يتوقفون على الاذن فيه فضلاً أن يستأذنوك في التخلف عنه، أو أن يستأذنوك في التخلف كراهة أن يجاهدوا. وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ شهادة لهم بالتقوى وعده لهم بثوابه.
إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ في التخلف. الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تخصيص الإيمان بالله عز وجل