[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٥٣ الى ٥٤]
وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣) وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (٥٤)
وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا فأيقنوا. أَنَّهُمْ مُواقِعُوها مخالطوها واقعون فيها. وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً انصرافاً أو مكانًا ينصرفون إليه.
وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ من كل جنس يحتاجون إليه. وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ يتأتى منه الجدل. جَدَلًا خصومة بالباطل وانتصابه على التمييز.
[[سورة الكهف (١٨) : آية ٥٥]]
وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (٥٥)
وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا من الإِيمان. إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وهو الرسول الداعي والقرآن المبين.
وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ ومن الاستغفار من الذنوب. إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ إلا طلب أو انتظار أو تقدير أن تأتيهم سنة الأولين، وهي الاستئصال فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ عذاب الآخرة. قُبُلًا عياناً. وقرأ الكوفيون قُبُلًا بضمتين وهو لغة فيه أو جمع قبيل بمعنى أنواع، وقرئ بفتحتين وهو أيضاً لغة يقال لقيته مقابلة وقبلاً وقبلاً وقبلياً، وانتصابه على الحال من الضمير أو الْعَذابُ.
[[سورة الكهف (١٨) : آية ٥٦]]
وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (٥٦)
وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ للمؤمنين والكافرين. وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ باقتراح الآيات بعد ظهور المعجزات، والسؤال عن قصة أصحاب الكهف ونحوها تعنتاً. لِيُدْحِضُوا بِهِ ليزيلوا بالجدال. الْحَقَّ عن مقره ويبطلوه، من إدحاض القدم وهو إزلاقها وذلك قولهم للرسل مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ونحو ذلك. وَاتَّخَذُوا آياتِي يعني القرآن. وَما أُنْذِرُوا وإنذارهم أو والذي أنذروا به من العقاب. هُزُواً استهزاء. وقرئ «هزأ» بالسكون وهو ما يستهزأ به على التقديرين.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٥٧ الى ٥٨]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ بالقرآن. فَأَعْرَضَ عَنْها فلم يتدبرها ولم يتذكر بها. وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَداهُ من الكفر والمعاصي ولم يتفكر في عاقبتهما. إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً تعليل لإِعراضهم ونسيانهم بأنهم مطبوع على قلوبهم. أَنْ يَفْقَهُوهُ كراهة أن يفقهوه، وتذكير الضمير وإفراده للمعنى. وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً يمنعهم أن يستمعوه حق استماعه. وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً تحقيقاً ولا تقليداً لأنهم لا يفقهون ولا يسمعون وإذا كما عرفت جزاء وجواب للرسول صلّى الله عليه وسلّم على تقدير قوله ما لي لا أدعوهم، فإن حرصه صلّى الله عليه وسلّم على إسلامهم يدل عليه.
وَرَبُّكَ الْغَفُورُ البليغ المغفرة. ذُو الرَّحْمَةِ الموصوف بالرحمة. لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ استشهاد على ذلك بإمهال قريش مع إفراطهم في عداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ وهو يوم