للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونصبها على التمييز عن بشر. مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ بدل من بشر على حذف مضاف أي بشر من أهل ذلك من لعنه الله، أو بشر من ذلك دين من لعنه الله، أو خبر محذوف أي هو من لعنه الله وهم اليهود أبعدهم الله من رحمته وسخط عليهم بكفرهم وانهماكهم في المعاصي بعد وضوح الآيات، ومسخ بعضهم قردة وهم أصحاب السبت، وبعضهم خنازير وهم كفار أهل مائدة عيسى عليه الصلاة والسلام. وقيل كلا المسخين في أصحاب السبت مسخت شبانهم قردة ومشايخهم خنازير. وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ عطف على صلة من وكذا عَبَدَ الطَّاغُوتَ على البناء للمفعول، ورفع الطَّاغُوتَ وعَبَدَ بمعنى صار معبوداً، فيكون الراجع محذوفاً أي فيهم أو بينهم، ومن قرأ «وعابد الطاغوت» أو عَبَدَ على أنه نعت كفطن ويقظ أو عبدة أو عَبَدَ الطَّاغُوتَ على أنه جمع كخدم أو أن أصله عبدة فحذف التاء للإضافة عطفه على القردة، ومن قرأ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ بالجر عطفه على من، والمراد مِنْ الطاغوت العجل وقيل الكهنة وكل من أطاعوه في معصية الله تعالى. أُولئِكَ أي الملعونون. شَرٌّ مَكاناً جعل مكانهم شراً ليكون أبلغ في الدلالة على شرارتهم، وقيل مَكاناً منصرفاً. وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ قصد الطريق المتوسط بين غلو النصارى وقدح اليهود، والمراد من صيغتي التفضيل الزيادة مطلقاً لا بالإضافة إلى المؤمنين في الشرارة والضلالة.

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٦١ الى ٦٢]

وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (٦١) وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢)

وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا نزلت في يهود نافقوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو في عامة المنافقين. وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ أي يخرجون من عندك كما دخلوا لم يؤثر فيهم ما سمعوا منك، والجملتان حالان من فاعل قالوا وبالكفر وبه حالان من فاعلي دخلوا وخرجوا، وقد وإن دخلت لتقريب الماضي من الحال ليصح أن يقع حالاً أفادت أيضاً لما فيها من التوقع أن أمارة النفاق كانت لائحة عليهم، وكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يظنه ولذلك قال: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ أي من الكفر، وفيه وعيد لهم.

وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ أي من اليهود أو من المنافقين. يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ أي الحرام وقيل الكذب لقوله: عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَالْعُدْوانِ الظلم، أو مجاوزة الحد في المعاصي. وقيل الْإِثْمِ ما يختص بهم والعدوان ما يتعدى إلى غيرهم. وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ أي الحرام خصه بالذكر للمبالغة. لَبِئْسَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ لبئس شيئاً عملوه.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٦٣]]

لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣)

لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ تحضيض لعلمائهم على النهي عن ذلك فإن لولا إذا دخل على الماضي أفاد التوبيخ وإذا دخل على المستقبل أفاد التحضيض. لَبِئْسَ مَا كانُوا يَصْنَعُونَ أبلغ من قوله لبئس مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ من حيث إن الصنع عمل الإنسان بعد تدرب فيه وتروٍ وتحري إجادة، ولذلك ذم به خواصهم ولأن ترك الحسبة أقبح من مواقعه المعصية، لأن النفس تلتذ بها وتميل إليها ولا كذلك ترك الإِنكار عليها فكان جديرا بأبلغ الذم.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٦٤]]

وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٦٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>