ْ يَنْظُرُونَ
ما ينتظر الكفار المار ذكرهم. لَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ
لقبض أرواحهم. وقرأ حمزة والكسائي بالياء. وْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ
القيامة أو العذاب المستأصل. ذلِكَ
مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب. عَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
فأصابهم ما أصابوا. ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ
بتدميرهم. لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
بكفرهم ومعاصيهم المؤدية إليه. فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ مَا عَمِلُوا أي جزاء سيئات أعمالهم على حذف المضاف، أو تسمية الجزاء باسمها. وَحاقَ بِهِمْ مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ وأحاط بهم جزاؤه والحيق لا يستعمل إلا في الشر.
[[سورة النحل (١٦) : آية ٣٥]]
وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٣٥)
وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ إنما قالوا ذلك استهزاء أو منعاً للبعثة والتكليف متمسكين بأن ما شاء الله يجب وما لم يشأ يمتنع فما الفائدة فيها، أو إنكاراً لقبح ما أنكر عليهم من الشرك وتحريم البحائر ونحوها محتجين بأنها لو كانت مستقبحة لما شاء الله صدورها عنهم ولشاء خلافه، ملجئاً إليه لا اعتذاراً إذ لم يعتقدوا قبح أعمالهم، وفيما بعده تنبيه على الجواب عن الشبهتين. ذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
فأشركوا بالله وحرموا حله وردوا رسله. فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ إلا الإِبلاغ الموضح للحق وهو لا يؤثر في هدى من شاء الله هداه لكنه يؤدي إليه على سبيل التوسط، وما شاء الله وقوعه إنما يجب وقوعه لا مطلقاً بل بأسباب قدرها له، ثم بين أن البعثة أمر جرت به السنة الإِلهية في الأمم كلها سبباً لهدى من أراد اهتداءه وزيادة لضلال من أراد ضلاله، كالغذاء الصالح فإنه ينفع المزاج السوي ويقويه ويضر المنحرف ويفنيه بقوله تعالى:
[[سورة النحل (١٦) : آية ٣٦]]
وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦)
وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ يأمر بعبادة الله تعالى واجتناب الطاغوت. فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وفقهم للإِيمان بإرشادهم. وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ إذ لم يوفقهم ولم يرد هداهم، وفيه تنبيه على فساد الشبهة الثانية لما فيه من الدلالة على أن تحقق الضلال وثباته بفعل الله تعالى وإرادته من حيث أنه قسم من هدى الله، وقد صرح به في الآية الأخرى. فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ يا معشر قريش. فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ من عاد وثمود وغيرهم لعلكم تعتبرون.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٣٧ الى ٣٨]
إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٣٧) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (٣٨)
إِنْ تَحْرِصْ يا محمد. عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ من يريد ضلاله وهو المعني بمن حقت عليه الضلالة. وقرأ غير الكوفيين لاَّ يَهْدِي على البناء للمفعول وهو أبلغ. وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ من ينصرهم بدفع العذاب عنهم.
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ عطف على وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا إيذاناً بأنهم كما أنكروا التوحيد أنكروا البعث مقسمين عليه زيادة في البت على فساده، ولقد رد الله عليهم أبلغ رد فقال:
بَلى يبعثهم. وَعْداً مصدر مؤكد لنفسه وهو ما دل عليه بَلى فإن يبعث موعد من الله. عَلَيْهِ إنجازه لامتناع الخلف في وعده، أو لأن البعث مقتضى حكمته. حَقًّا صفة أخرى للوعد. وَلكِنَّ أَكْثَرَ