للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموصوف بتلك الصفات المقتضية للألوهية والربوبية. رَبَّكُمُ لا غير إذ لا يشاركه أحد في شيء من ذلك.

فَاعْبُدُوهُ وحدوه بالعبادة. أَفَلا تَذَكَّرُونَ تتفكرون أدنى تفكر فينبهكم على أنه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٤]]

إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٤)

إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً بالموت أو النشور لا إلى غيره فاستعدوا للقائه. وَعْدَ اللَّهِ مصدر مؤكد لنفسه لأن قوله إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ وعد من الله. حَقًّا مصدر آخر مؤكد لغيره وهو ما دل عليه وَعْدَ اللَّهِ. إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ بعد بدئه وإهلاكه. لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ أي بعدله أو بعدالتهم وقيامهم على العدل في أمورهم أو بإيمانهم لأنه العدل القويم كما أن الشرك ظلم عظيم وهو الأوجه لمقابلة قوله: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ فإن معناه ليجزي الذين كفروا بشراب مّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بسبب كفرهم، لكنه غير النظم للمبالغة في استحقاقهم للعقاب والتنبيه على أن المقصود بالذات من الإِبداء والإعادة هو الإثابة والعقاب واقع بالعرض، وأنه تعالى يتولى إثابة المؤمنين بما يليق بلطفه وكرمه ولذلك لم يعينه، وأما عقاب الكفرة فكأنه داء ساقه إليهم سوء اعتقادهم وشؤم أفعالهم. والآية كالتعليل لقوله تعالى: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فإنه لما كان المقصود من الإبداء والإعادة مجازاة الله المكلفين على أعمالهم كان مرجع الجميع إليه لا محالة، ويؤيده قراءة من قرأ إِنَّهُ يَبْدَؤُا بالفتح أي لأنه ويجوز أن يكون منصوباً أو مرفوعاً بما نصب وَعْدَ اللَّهِ أو بما نصب حَقًّا.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٥ الى ٦]

هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)

هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً أي ذات ضياء وهو مصدر كقيام أو جمع ضوء كسياط وسوط والياء فيه منقلبة عن الواو. وقرأ ابن كثير برواية قنبل هنا وفي «الأنبياء» وفي «القصص» : «ضئاء» بهمزتين على القلب بتقديم اللام على العين. وَالْقَمَرَ نُوراً أي ذا نور أو سمي نوراً للمبالغة وهو أعم من الضوء كما عرفت، وقيل ما بالذات ضوء وما بالعرض نور، وقد نبه سبحانه وتعالى بذلك على أنه خلق الشمس نيرة في ذاتها والقمر نيراً بعرض مقابلة الشمس والاكتساب منها. وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ الضمير لكل واحد أي قدر مسير كل واحد منهما منازل، أو قدره ذا منازل أو للقمر وتخصيصه بالذكر لسرعة سيره ومعاينة منازله وإناطة أحكام الشرع به ولذلك علله بقوله: لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ حساب الأوقات من الأشهر والأيام في معاملاتكم وتصرفاتكم. مَا خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ إلا ملتبساً بالحق مراعياً فيه مقتضى الحكمة البالغة.

نُفَصِلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ فإنهم المنتفعون بالتأمل فيها وقرأ ابن كثير والبصريان وحفص يُفَصِّلُ بالياء.

إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من أنواع الكائنات. لَآياتٍ على وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته. لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ العواقب فإنه يحملهم على التفكر والتدبر.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٧ الى ٨]

إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>