[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٣٧ الى ٣٨]
وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨)
وَكَذلِكَ ومثل ذلك الإنزال المشتمل على أصول الديانات المجمع عليها. أَنْزَلْناهُ حُكْماً يحكم في القضايا والوقائع بما تقتضيه الحكمة. عَرَبِيًّا مترجماً بلسان العرب ليسهل لهم فهمه وحفظه وانتصابه على الحال. وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ التي يدعونك إليها، كتقرير دينهم والصلاة إلى قبلتهم بعد ما حولت عنها.
بَعْدَ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ بنسخ ذلك. مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ ينصرك ويمنع العقاب عنك وهو حسم لأطماعهم وتهييج للمؤمنين على الثبات في دينهم.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ بشراً مثلك. وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً نساء وأولاداً كما هي لك.
وَما كانَ لِرَسُولٍ وما يصح له ولم يكن في وسعه. أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ تقترح عليه وحكم يلتمس منه. إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فإنه الملي بذلك. لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ لكل وقت وأمد حكم يكتب على العباد على ما يقتضيه استصلاحهم.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٣٩ الى ٤٠]
يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠)
يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ ينسخ ما يستصوب نسخه. وَيُثْبِتُ ما تقتضيه حكمته. وقيل يمحو سيئات التائب ويثبت الحسنات مكانها. وقيل يمحو من كتاب الحفظة ما لا يتعلق به جزاء ويترك غيره مثبتاً أو يثبت ما رآه وحده في صميم قلبه. وقيل يمحو قرناً ويثبت آخرين. وقيل يمحو الفاسدات الكائنات. وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وَيُثْبِتُ بالتشديد. وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ أصل الكتب وهو اللوح المحفوظ إذ ما من كائن إلا وهو مكتوب فيه.
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ وكيفما دارت الحال أريناك بعض ما أوعدناهم أو توفيناك قبله. فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ لا غير. وَعَلَيْنَا الْحِسابُ للمجازاة لا عليك فلا تحتفل بإعراضهم ولا تستعجل بعذابهم فإنا فاعلون له وهذا طلائعه.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٤١ الى ٤٢]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ أرض الكفرة. نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بما نفتحه على المسلمين منها.
وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ لا راد له وحقيقته الذي يعقب الشيء بالإِبطال، ومنه قيل لصاحب الحق معقب لأنه يقفو غريمه بالاقتضاء، والمعنى أنه حكم للإِسلام بالقبال وعلى الكفر بالإِدبار وذلك كائن لا يمكن تغييره، ومحل لا مع المنفي النصب على الحال أي يحكم نافذاً حكمه. وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ فيحاسبهم عما قليل في الآخرة بعد ما عذبهم بالقتل والاجلاء في الدنيا.
وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ بأنبيائهم والمؤمنين منهم. فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً إذ لا يؤبه بمكر دون مكره فإنه القادر على ما هو المقصود منه دون غيره. يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ فيعد جزاءها. وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ