لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ لا يجب عليك أن تجعل الناس مهديين، وإنما عليك الإِرشاد والحث على المحاسن، والنهي عن المقابح كالمن والأذى وإنفاق الخبيث. وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ صريح بأن الهداية من الله تعالى وبمشيئته، وإنها تخص بقوم دون قوم. وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ من نفقة معروفة. فَلِأَنْفُسِكُمْ فهو لأنفسكم لا ينتفع به غيركم فلا تمنوا عليه ولا تنفقوا الخبيث. وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ حال، وكأنه قال وما تنفقون من خير فلأنفسكم غير منفقين إلا لابتغاء وجه الله وطلب ثوابه. أو عطف على ما قبله أي وليست نفقتكم إلا لابتغاء وجهه فما بالكم تمنون بها وتنفقون الخبيث. وقيل: نفي في معنى النهي. وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ثوابه أضعافاً مضاعفة، فهو تأكيد للشرطية السابقة، أو ما يخلف للمنفق استجابة
لقوله عليه الصلاة والسلام «اللهم اجعل لمنفق خلفاً، ولممسك تلفاً»
روي: أن ناساً من المسلمين كانت لهم أصهار ورضاع في اليهود، وكانوا ينفقون عليهم، فكرهوا لما أسلموا أن ينفعوهم فنزلت
. وهذا في غير الواجب أما الواجب فلا يجوز صرفه إلى الكفار. وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ أي لا تنقصون ثواب نفقاتكم.
[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٧٣]]
لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣)
لِلْفُقَراءِ متعلق بمحذوف أي اعمدوا للفقراء، أو اجعلوا ما تنفقونه للفقراء، أو صدقاتكم للفقراء.
الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أحصرهم الجهاد. لاَ يَسْتَطِيعُونَ لاشتغالهم به. ضَرْباً فِي الْأَرْضِ ذهاباً فيها للكسب. وقيل هم أهل الصفة كانوا نحواً من أربعمائة من فقراء المهاجرين يسكنون صفة المسجد يستغرقون أوقاتهم بالتعلم والعبادة، وكانوا يخرجون في كل سرية بعثها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ بحالهم، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بفتح السين. أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ من أجل تعففهم عن السؤال، تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ من الضعف ورثاثة الحال، والخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو لكل أحد. لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً إلحاحاً، وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه، من قولهم لحفني من فضل لحافه، أي أعطاني من فضل ما عنده، والمعنى أنهم لا يسألون وإن سألوا عن ضرورة لم يلحوا. وقيل: هو نفي للأمرين كقوله:
على لا حب يهتدي بمناره ونصبه على المصدر فإنه كنوع من السؤال، أو على الحال. وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ترغيب في الإِنفاق وخصوصا على هؤلاء.
[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٧٤]]
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤)
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً أي يعمون الأوقات والأحوال بالخير. نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، تصدق بأربعين ألف دينار عشرة بالليل وعشرة بالنهار، وعشرة بالسر وعشرة بالعلانية.
وقيل في أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه: لم يملك إلا أربعة دراهم فتصدّق بدرهم ليلاً ودرهم نهاراً، ودرهم سراً ودرهم علانية.
وقيل: في ربط الخيل في سبيل الله والإِنفاق عليها. فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ خبر الذين ينفقون، والفاء للسببية. وقيل للعطف والخبر محذوف أي ومنهم الذين ولذلك جوز الوقف على وعلانية.
[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٧٥]]
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧٥)