للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كائن وأوفق للقراءة المشهورة. وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ كرره للتأكيد والتذكير. وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ إشارة إلى أنه تعالى إنما نهاهم وحذرهم رأفة بهم ومراعاة لصلاحهم، أو أنه لذو مغفرة وذو عقاب أليم فترجى رحمته ويخشى عذابه.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٣١ الى ٣٢]

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢)

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي المحبة ميل النفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه، بحيث يحملها على ما يقربها إليه، والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إلا لله، وأن كل ما يراه كمالاً من نفسه أو غيره فهو من الله وبالله وإلى الله لم يكن حبه إلا لله وفي الله وذلك يقتضي إرادة طاعته والرغبة فيما يقربه إليه، فلذلك فسرت المحبة بإرادة الطاعة وجعلت مستلزمة لاتباع الرسول في عبادته والحرص على مطاوعته. يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ جواب للأمر أي يرضَ عنكم ويكشف الحجب عن قلوبكم بالتجاوز عما فرط منكم فيقربكم من جناب عزه ويبوئكم في جوار قدسه، عبر عن ذلك بالمحبة على طريق الاستعارة أو المقابلة.

وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لمن تحبب إليه بطاعته واتباع نبيه صلّى الله عليه وسلّم.

روي: أنها نزلت لما قالت اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه

. وقيل: نزلت في وفد نجران لما قالوا: إنما نعبد المسيح حباً لله. وقيل: في أقوام زعموا على عهده صلّى الله عليه وسلّم أنهم يحبون الله فأمروا أن يجعلوا لقولهم تصديقاً من العمل.

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا يحتمل المضي والمضارعة بمعنى فإن تتولوا. فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكافِرِينَ لا يرضى عنهم ولا يثني عليهم، وإنما لم يقل لا يحبهم لقصد العموم والدلالة على أن التولي كفر، وإنه من هذه الحيثية ينفي محبة الله وأن محبته مخصوصة بالمؤمنين.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٣٣ الى ٣٤]

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ بالرسالة والخصائص الروحانية والجسمانية، ولذلك قووا على ما لم يقو عليه غيرهم. لما أوجب طاعة الرسول وبين أنها الجالبة لمحبة الله عقب ذلك ببيان مناقبهم تحريضاً عليها، وبه استدل على فضلهم على الملائكة، وَآلَ إِبْراهِيمَ، إسماعيل وإسحاق وأولادهما. وقد دخل فيهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وَآلَ عِمْرانَ موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب، أو عيسى وأمه مريم بنت عمران بن ماثان بن العازار بن أبي يوذ بن يوزن بن زربابل بن ساليان بن يوحنا بن أوشيا بن أمون بن منشكن بن حازقا بن أخاز بن يوثام بن عوزيا بن يورام بن ساقط بن ايشا بن راجعيم بن سليمان بن داود بن ايشي بن عوبد بن سلمون بن ياعز بن نحشون بن عمياد بن رام بن حصروم بن فارص بن يهوذا بن يعقوب عليه السلام، وكان بين العمرانين ألف وثمانمائة سنة.

ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ حال أو بدل من الآلين أو منهما ومن نوح أي إنهم ذرية واحدة متشعبة بعضها من بعض. وقيل بعضها من بعض في الدين. والذرية الولد يقع على الواحد والجمع فعلية من الذر أو فعولة من الذرء أبدلت همزتها ياء ثم قلبت الواو ياء وأدغمت. وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ بأقوال الناس وأعمالهم فيصطفي من كان مستقيم القول والعمل، أو سميع بقول امرأة عمران عليم بنيتها.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٣٥]]

إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>