يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ وهو ما يعلوهم من الكآبة والحزن. فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ مجموعاً بينهما، وقيل يؤخذون بِالنَّواصِي تارة وب الْأَقْدامِ أخرى.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها بين النار يحرقون بها. وَبَيْنَ حَمِيمٍ ماء حار. آنٍ بلغ النهاية في الحرارة يصب عليهم، أو يسقون منه، وقيل إذا استغاثوا من النار أغيثوا بالحميم.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب، أو قيامه على أحواله من قام عليه إذا راقبه، أو مقام الخائف عند ربه للحساب بأحد المعنيين فأضيف إلى الرب تفخيماً وتهويلاً، أو ربه ومَقامَ مقحم للمبالغة كقوله:
ذَعَرَّتُ بِهِ القَطَا وَنَفَيْتُ عَنْهُ ... مَقَامَ الذِّئْبِ كَالرَّجُلِ اللَّعِينِ
جَنَّتانِ جنة للخائف الإِنسي والأخرى للخائف الجني، فإن الخطاب للفريقين والمعنى لكل خائفين منكما أو لكل واحد جنة لعقيدته وأخرى لعمله، أو جنة لفعل الطاعات وأخرى لترك المعاصي، أو جنة يثاب بها وأخرى يتفضل بها عليه، أو روحانية وجسمانية وكذا ما جاء مثنى بعد.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤٧ الى ٥٠]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ذَواتا أَفْنانٍ أنواع من الأشجار والثمار جمع فِنْ، أو أغصان جمع فنن وهي الغصنة التي تتشعب من فرع الشجرة، وتخصيصها بالذكر لأنها التي تورق وتثمر وتمد الظل.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ حيث شاؤوا في الأعالي والأسافل. قيل إحداهما التسنيم والأخرى السلسبيل.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٥١ الى ٥٤]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.
فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ صنفان غريب ومعروف، أو رطب ويابس.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ من ديباج ثخين وإذا كانت البطائن كذلك فما ظنك بالظهائر، ومُتَّكِئِينَ مدح للخائفين أو حال منهم، لأن من خاف في معنى الجمع.
وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ قريب يناله القاعد والمضطجع، وَجَنَى اسم بمعنى مجنى وقرئ بكسر الجيم.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٥٥ الى ٥٨]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِنَّ في الجنان فإن جنتان تدل على جنان هي للخائفين أو فيما فيهما من الأماكن والقصور، أو في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش. قاصِراتُ الطَّرْفِ نساء قصرن أبصارهن على أزواجهن. لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ لم يمس الإِنسيات إنس ولا الجنيات جن، وفيه دليل على أن الجن يطمثون. وقرأ الكسائي بضم الميم. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.
كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ أي وحمرة الوجنة وبياض البشرة وصفائهما.