للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: ثُمَّ بَعَثْناهُمْ.

لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمة البعث، أو ما كفرتموه لما رأيتم بأس الله بالصاعقة.

وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ سخر الله لهم السحاب يظلهم من الشمس حين كانوا في التيه.

وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى الترنجبين والسماني. قيل كان ينزل عليهم المن مثل الثلج من الفجر إلى الطلوع، وتبعث الجنوب عليهم السماني، وينزل بالليل عمود نار يسيرون في ضوئه، وكانت ثيابهم لا تتسخ ولا تبلى.

كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ على إرادة القول.

وَما ظَلَمُونا فيه اختصار، وأصله فظلموا بأن كفروا هذه النعم وما ظلمونا.

وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ بالكفران لأنه لا يتخطاهم ضرره.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٥٨]]

وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨)

وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ يعني بيتَ المقدس، وقيل أريحا أمروا به بعد التيه.

فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً واسعاً، ونصبه على المصدر، أو الحال من الواو.

وَادْخُلُوا الْبابَ أي باب القرية، أو القبة التي كانوا يصلون إليها، فإنهم لم يدخلوا بيت المقدس في حياة موسى عليه الصلاة والسلام.

سُجَّداً متطامنين مخبتين، أو ساجدين لله شكراً على إخراجهم من التيه.

وَقُولُوا حِطَّةٌ أي مسألتنا، أو أمرك حطة وهي فعلة من الحط كالجلسة، وقرئ بالنصب على الأصل بمعنى: حط عنا ذنوبنا حطة، أو على أنه مفعول قُولُوا أي قولوا هذه الكلمة. وقيل معناه أمرنا حطة أي:

أن نحط في هذه القرية ونقيم بها.

نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ بسجودكم ودعائكم. وقرأ نافع بالياء وابن عامر بالتاء على البناء للمفعول.

وخطايا أصله خطايىء كخطائع، فعند سيبويه أنه أبدلت الياء الزائدة همزة لوقوعها بعد الألف، واجتمعت همزتان فأبدلت الثانية ياء ثم قلبت ألفاً، وكانت الهمزة بين الألفين فأبدلت ياء. وعند الخليل قدمت الهمزة على الياء ثم فعل بهما ما ذكر.

وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ثواباً، جعل الامتثال توبة للمسيء وسبب زيادة الثواب للمحسن، وأخرجه عن صورة الجواب إلى الوعد إيهاماً بأن المحسن بصدد ذلك وإن لم يفعله، فكيف إذا فعله، وأنه تعالى يفعل لا محالة.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٥٩]]

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ بدلوا بما أمروا به من التوبة والاستغفار بطلب ما يشتهون من أعراض الدنيا.

فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا كرره مبالغة في تقبيح أمرهم وإشعارًا بأن الإنزال عليهم لظلمهم بوضع غير المأمور به موضعه، أو على أنفسهم بأن تركوا ما يوجب نجاتها إلى ما يوجب هلاكها.

<<  <  ج: ص:  >  >>