يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى
متثاقلين. وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ لأنهم لا يرجون بهما ثواباً ولا يخافون على تركهما عقاباً.
فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ فإن ذلك استدراج ووبال لهم كما قال. إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بسبب ما يكابدون لجمعها وحفظها من المتاعب وما يرون فيها من الشدائد والمصائب.
وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ فيموتوا كافرين مشتغلين بالتمتع عن النظر في العاقبة فيكون ذلك استدراجاً لهم. وأصل الزهوق الخروج بصعوبة.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]
وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧)
وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ إنهم لمن جملة المسلمين. وَما هُمْ مِنْكُمْ لكفر قلوبهم. وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ يخافون منكم أن تفعلوا بهم ما تفعلون بالمشركين فيظهرون الإِسلام تقية.
لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً حصنا يلجئون إليه أَوْ مَغاراتٍ غيراناً. أَوْ مُدَّخَلًا نفقاً ينجحرون فيه مفتعل من الدخول وقرأ يعقوب مُدَّخَلًا من مدخل. وقرئ «مُّدْخَلاً» أي مكاناً يدخلون فيه أنفسهم و «متدخلاً» و «مندخلاً» من تدخل واندخل لَوَلَّوْا إِلَيْهِ لأقبلوا نحوه. وَهُمْ يَجْمَحُونَ يسرعون إسراعاً لا يردهم شيء كالفرس الجموح. وقرئ «يجمزون» ومنه الجمازة.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٥٨ الى ٥٩]
وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ (٥٩)
وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ يعيبك. وقرأ يعقوب يَلْمِزُكَ بالضم وابن كثير «يلامزك» . فِي الصَّدَقاتِ في قسمها. فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ قيل إنها نزلت في أبي الجواظ المنافق قال: ألا ترون إلى صاحبكم إنما يقسم صدقاتكم في رعاة الغنم ويزعم أنه يعدل.
وقيل في ابن ذي الخويصرة رأس الخوارج، كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقسم غنائم حنين فاستعطف قلوب أهل مكة بتوفير الغنائم عليهم فقال:
اعدل يا رسول الله فقال: «ويلك إن لم أعدلْ فمن يعدل» .
وإِذا للمفاجأة نائب مناب الفاء الجزائية.
وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ما أعطاهم الرسول من الغنيمة أو الصدقة، وذكر الله للتعظيم وللتنبيه على أن ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام كان بأمره. وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ
كفانا فضله سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ صدقة أو غنيمة أخرى. وَرَسُولُهُ فيؤتينا أكثر مما آتانا. إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ في أن يغنينا من فضله، والآية بأسرها في حيز الشرط، والجواب محذوف تقديره خَيْراً لَّهُمْ. ثم بين مصارف الصدقات تصويباً وتحقيقاً لما فعله الرسول صلّى الله عليه وسلّم فقال:
[[سورة التوبة (٩) : آية ٦٠]]
إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)
إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ أي الزكوات لهؤلاء المعدودين دون غيرهم، وهو دليل على أن المراد باللمز لمزهم في قسم الزكوات دون الغنائم. والفقير من لا مال له ولا كسب يقع موقعاً من حاجته من الفقار كأنه أصيب فقاره. والمسكين من له مال أو كسب لا يكفيه من السكون كأن العجز أسكنه، ويدل عليه