[(١٥) سورة الحجر]
مكية وهي تسع وتسعون آية
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢)
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ الإِشارة إلى آيات السورة والْكِتابِ هو السورة، وكذا القرآن وتنكيره للتفخيم أي آيات الجامع لكونه كتاباً كاملاً وقُرآناً يبين الرشد من الغي بياناً غريباً.
رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ حين عاينوا حال المسلمين عند نزول النصر أو حلول الموت أو يوم القيامة. وقرأ نافع وعاصم رُبَما بالتخفيف، وقرئ «ربما» بالفتح والتخفيف وفيه ثمان لغات ضم الراء وفتحها مع التشديد والتخفيف وبتاء التأنيث ودونها، وما كافة تكفه عن الجر فيجوز دخوله على الفعل وحقه أن يدخل الماضي لكن لما كان المترقب في أخبار الله تعالى كالماضي في تحققه أجرى مجراه. وقيل:
ما نكرة موصوفة كقوله:
رُبَّمَا تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الأَمْ ... ر لَهُ فُرْجَةً كَحلِّ العِقَالِ
ومعنى التقليل فيه الإيذان بأنهم لو كانوا يودون الإِسلام مرة فبالحري أن يسارعوا إليه، فكيف وهم يودونه كل ساعة. وقيل تدهشهم أهوال القيامة فإن حانت منهم إفاقة في بعض الأوقات تمنوا ذلك، والغيبة في حكاية ودادتهم كالغيبة في قولك: حلف بالله ليفعلن.
[[سورة الحجر (١٥) : آية ٣]]
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)
ذَرْهُمْ دعهم. يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا بدنياهم. وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ويشغلهم توقعهم لطول الأعمار واستقامة الأحوال عن الاستعداد للمعاد. فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ سوء صنيعهم إذا عاينوا جزاءه، والغرض إقناط الرسول صلّى الله عليه وسلّم من ارعوائهم وإيذانه بأنهم من أهل الخذلان، وإن نصحهم بعد اشتغال بما لا طائل تحته، وفيه إلزام للحجة وتحذير عن ايثار التنعم وما يؤدي إليه طول الأمل.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٤ الى ٥]
وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤) مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥)
وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ أجل مقدر كتب في اللوح المحفوظ، والمستثنى جملة واقعة صفة لقرية، والأصل أن لا تدخلها الواو كقوله: إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ ولكن لما شابهت صورتها الحال أدخلت تأكيداً للصوقها بالموصوف.
مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ أي وما يستأخرون عنه، وتذكير ضمير أُمَّةٍ فيه للحمل على المعنى.