للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مملوكون مستعبدون والضمير لل آلِهَةٌ أو للعباد.

[[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٢٤]]

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤)

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً كرره استعظاماً لكفرهم واستفظاعاً لأمرهم وتبكيتاً وإظهاراً لجهلهم، أو ضماً لإِنكار ما يكون لهم سنداً من النقل إلى إنكار ما يكون لهم دليلاً من العقل على معنى أوجدوا آلهة ينشرون الموتى فاتخذوهم آلهة، لما وجدوا فيهم من خواص الألوهية، أو وجدوا في الكتب الإِلهية الأمر بإشراكهم فاتخذوهم متابعة للأمر، ويعضد ذلك أنه رتب على الأول ما يدل على فساده عقلاً وعلى الثاني ما يدل على فساده نقلاً. قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ على ذلك إما من العقل أو من النقل، فإنه لا يصح القول بما لا دليل عليه كيف وقد تطابقت الحجج على بطلانه عقلاً ونقلاً. هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي من الكتب السماوية فانظروا هل تجدون فيها إلا الأمر بالتوحيد والنهي عن الإِشراك، والتوحيد لما لم يتوقف على صحته بعثة الرسل وإنزال الكتب صح الاستدلال فيه بالنقل ومَنْ مَعِيَ أمته ومَنْ قَبْلِي الأمم المتقدمة وإضافة ال ذِكْرُ إليهم لأنه عظتهم، وقرئ بالتنوين والإعمال وبه وب مِنْ الجارة على أن مع اسم هو ظرف كقبل وبعد وشبههما وبعدمها. بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ولا يميزون بينه وبين الباطل، وقرئ «الحق» بالرفع على أنه خبر محذوف وسط للتأكيد بين السبب والمسبب. فَهُمْ مُعْرِضُونَ عن التوحيد واتباع الرسول من أجل ذلك.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٢٥ الى ٢٧]

وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧)

وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ تعميم بعد تخصيص، فإن ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي من حيث إنه خبر لاسم الإِشارة مخصوص بالموجود بين أظهرهم وهو الكتب الثلاثة، وقرأ حفص وحمزة والكسائي نُوحِي إِلَيْهِ بالنون وكسر الحاء والباقون بالياء وفتح الحاء.

وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً نزلت في خزاعة حيث قالوا الملائكة بنات الله سُبْحانَهُ تنزيه له عن ذلك. بَلْ عِبادٌ بل هم عباد من حيث إنهم مخلوقون وليسوا بالأولاد. مُكْرَمُونَ مقربون وفيه تنبيه على مدحض القوم، وقرئ بالتشديد.

لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ لا يقولون شيئاً حتى يقوله كما هو ديدن العبيد المؤدبين، وأصله لا يسبق قولهم قوله فنسب السبق إليه وإليهم، وجعل القول محله وأداته تنبيهاً على استهجان السبق المعرض به للقائلين على الله ما لم يقله، وأنيبت اللام على الإِضافة اختصاراً وتجافياً عن تكرير الضمير، وقرئ «لاَ يَسُبقُونَهُ» بالضم من سابقته فسبقته أسبقه. وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ لا يعملون قط ما لم يأمرهم به.

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٢٨ الى ٢٩]

يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩)

يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ لا تخفى عليه خافية مما قدموا وأخروا، وهو كالعلة لما قبله والتمهيد لما بعده فإنهم لإحاطتهم بذلك يضبطون أنفسهم ويراقبون أحوالهم. وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى أن يشفع له مهابة منه. وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ عظمته ومهابته. مُشْفِقُونَ مرتعدون، وأصل الخشية خوف مع تعظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>