للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَغْوَيْناهُمْ الخبر لأجل ما اتصل به فإفادة زيادة على الصفة وهو وإن كان فضلة لكنه صار من اللوازم.

تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ منهم ومما اختاروه من الكفر هوى منهم، وهو تقرير للجملة المتقدمة ولذلك خلت عن العاطف وكذا. مَا كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ أي ما كانوا يعبدوننا، وإنما كانوا يعبدون أهواءهم. وقيل مَا مصدرية متصلة ب تَبَرَّأْنا أي تبرأنا من عبادتهم إيانا.

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٦٤]]

وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ (٦٤)

وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ من فرط الحيرة. فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ لعجزهم عن الإِجابة والنصرة.

وَرَأَوُا الْعَذابَ لازماً بهم. لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ لوجه من الحيل يدفعون به العذاب، أو إلى الحق لما رأوا العذاب وقيل لَوْ للتمني أي تمنوا أنهم كانوا مهتدين.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٦٥ الى ٦٦]

وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٦٦)

وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ عطف على الأول فإنه تعالى يسأل أولاً عن إشراكهم به ثم عن تكذيبهم الأنبياء.

فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فصارت الأنباء كالعمي عليهم لا تهتدي إليهم، وأصله فعموا عن الأنباء لكنه عكس مبالغة ودلالة على أن ما يحضر الذهن إنما يقبض ويرد عليه من خارج فإذا أخطأه لم يكن له حيلة إلى استحضاره، والمراد بالأنباء ما أجابوا به الرسل أو ما يعمها وغيرها، فإذا كانت الرسل يتتعتعون في الجواب عن مثل ذلك من الهول ويفوضون إلى علم الله تعالى فما ظنك بالضلال من أممهم، وتعدية الفعل بعلى لتضمنه معنى الخفاء. فَهُمْ لاَ يَتَساءَلُونَ لا يسأل بعضهم بعضاً عن الجواب لفرط الدهشة والعلم بأنه مثله في العجز.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٦٧ الى ٦٨]

فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٨)

فَأَمَّا مَنْ تابَ من الشرك. وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً. وجمع بين الإِيمان والعمل الصالح. فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ عند الله وعسى تحقيق على عادة الكرام، أو ترج من التائب بمعنى فليتوقع أن يفلح.

وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ لا موجب عليه ولا مانع له. مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ أي التخير كالطيرة بمعنى التطير، وظاهرة نفي الاختيار عنهم رأساً والأمر كذلك عند التحقيق، فإن اختيار العباد مخلوق باختيار الله منوط بدواع لا اختيار لهم فيها، وقيل المراد أنه ليس لأحد من خلقه أن يختار عليه ولذلك خلا عن العاطف، ويؤيده ما روي أنه نزل في قولهم لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ. وقيل مَا موصولة مفعول ل يَخْتارُ والراجع إليه محذوف والمعنى: ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة أي الخير والصلاح. سُبْحانَ اللَّهِ تنزيه له أن ينازعه أحد أو يزاحم اختياره اختيار. وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ عن إشراكهم أو مشاركة ما يشركونه به.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٦٩ الى ٧٠]

وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>