[(٧٣) سورة المزمل]
مكية، وآيها تسع عشرة أو عشرون
[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢)
يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ أصله المتزمل من تزمل بثيابه إذا تلفف بها فأدغم التاء في الزاي وقد قرئ به، وب «المزمل» مفتوحة الميم ومكسورتها أي الذي زمله غيره، أو زمل نفسه، سمي به النبي عليه الصلاة والسلام تهجيناً لما كان عليه فإنه كان نائماً، أو مرتعداً مما دهشه من بدء الوحي متزملاً في قطيفة أو تحسيناً له. إذ
روي: أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي متلففاً بمرط مفروش على عائشة رضي الله تعالى عنها فنزلت.
أو تشبيهاً له في تثاقله بالمتزمل لأنه لم يتمرن بعد في قيام الليل، أو من تزمل الزمل إذا تحمل الحمل أي الذي تحمل أعباء النبوة.
قُمِ اللَّيْلَ أي قم إلى الصلاة، أو داوم عليها فيه، وقرئ بضم الميم وفتحها للإتباع أو التخفيف.
إِلَّا قَلِيلًا.
[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ٣ الى ٥]
نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥)
نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ الاستثناء من اللَّيْلَ ونِصْفَهُ بدل من قَلِيلًا وقلته بالنسبة إلى الكل، والتخيير بين قيام النصف والزائد عليه كالثلثين والناقص عنه كالثلث، أو نِصْفَهُ بدل من اللَّيْلَ والاستثناء منه والضمير في مِنْهُ وعَلَيْهِ للأقل من النصف كالثلث فيكون التخيير بينه وبين الأقل منه كالربع، والأكثر منه كالنصف أو للنصف والتخيير بين أن يقوم أقل منه على البت وأن يختار أحد الأمرين من الأقل والأكثر، أو الاستثناء من إعداد الليل فإنه عام والتخيير بين قيام النصف والناقص عنه والزائد عليه. وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا اقرأه على تؤدة وتبيين حروف بحيث يتمكن السامع من عدها من قوله ثغر رتل ورتل إذا كان مفلجاً.
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا يعني القرآن فإنه لما فيه من التكاليف الشاقة ثقيل على المكلفين سيما على الرسول صلّى الله عليه وسلم إذ كان عليه أن يتحملها ويحملها أمته، والجملة اعتراض يسهل التكليف عليه بالتهجد، ويدل على أنه مشق مضاد للطبع مخالف للنفس، أو رصين لرزانة لفظه ومتانة معناه، أو ثقيل على المتأمل فيه لافتقاره إلى مزيد تصفية للسر وتجريد للنظر، أو ثقيل في الميزان أو على الكفار والفجار، أو ثقيل تلقيه
لقوله عائشة رضي الله تعالى عنها: رأيته عليه الصلاة والسلام ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه وإن جبينه ليرفض عرقاً.
وعلى هذا يجوز أن يكون صفة للمصدر والجملة على هذه الأوجه للتعليل مستأنف، فإن التهجد يعد للنفس ما به تعالج ثقله.