للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آتيتكم، أو لمن أجل ما آتيتكم على أن أصله لمن ما بالإِدغام فحذف إحدى الميمات الثلاث استثقالاً. وقرأ نافع «آتيناكم» بالنون والألف جميعاً. قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي أي عهدي، سمي به لأنه يؤصر أي يشد. وقرئ بالضم وهو إما لغة فيه كعبر وعبر أو جمع إصار وهو ما يشد به. قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا أي فليشهد بعضكم على بعض بالإِقرار. وقيل الخطاب فيه للملائكة. وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ وأنا أيضاً على إقراركم وتشاهدكم شاهد، وهو توكيد وتحذير عظيم.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٨٢ الى ٨٣]

فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٨٢) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٨٣)

فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ بعد الميثاق والتوكيد بالإِقرار والشهادة. فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ المتمردون من الكفرة.

أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ عطف على الجملة المتقدمة والهمزة متوسطة بينهما للإِنكار، أو محذوف تقديره أتتولون فغير دين الله تبغون، وتقديم المفعول لأنه المقصود بالإِنكار والفعل بلفظ الغيبة عند أبي عمرو وعاصم في رواية حفص ويعقوب، وبالتاء عند الباقين على تقدير وقل له. وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً أي طائعين بالنظر واتباع الحجة، وكارهين بالسيف ومعاينة ما يلجئ إلى الإِسلام كنتق الجبل وإدراك الغرق، والإِشراف على الموت. أو مختارين كالملائكة والمؤمنين ومسخرين كالكفرة فإنهم لا يقدرون أن يمتنعوا عما قضى عليهم وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ وقرئ بالياء على أن الضمير لمن.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٨٤]]

قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤)

قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ أمر للرسول صلّى الله عليه وسلّم بأن يخبر عن نفسه ومتابعيه بالإِيمان، والقرآن كما هو منزل عليه منزل عليهم بتوسط تبليغه إليهم وأيضاً المنسوب إلى واحد من الجمع قد ينسب إليهم، أو بأن يتكلم عن نفسه على طريقة الملوك إجلالاً له، والنزول كما يعدى بإلى لأنه ينتهي إلى الرسل يعدى بعلى لأنه من فوق، وإنما قدم المنزل عليه السلام على المنزل على سائر الرسل لأنه المعرف له والعيار عليه لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ بالتصديق والتكذيب. وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ منقادون أو مخلصون في عبادته.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٨٥]]

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥)

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً أي غير التوحيد والإِنقياد لحكم الله. فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ الواقعين في الخسران، والمعنى أن المعرض عن الإِسلام والطالب لغيره فاقد للنفع واقع في الخسران بإبطال الفطرة السليمة التى فَطَرَ الناس عَلَيْهَا، واستدل به على أن الإِيمان هُو الإِسلام إذ لو كان غيره لم يقبل. والجواب إنه ينفي قبول كل دين يغايره لا قبول كل ما يغايره، ولعل الدين أيضا للأعمال.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٨٦]]

كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦)

كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ استبعاد لأن يهديهم الله فإن الحائد عن الحق بعد ما وضح له منهمك في الضلال بعيد عن الرشاد. وقيل نفي وإنكار له وذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>