للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَتاعٌ قَلِيلٌ أي ما يفترون لأجله أو ما هم فيه منفعة قليلة تنقطع عن قريب. وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ في الآخرة.

[[سورة النحل (١٦) : آية ١١٨]]

وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨)

وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا مَا قَصَصْنا عَلَيْكَ أي في سورة «الأنعام» في قوله: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ. مِنْ قَبْلُ متعلق ب قَصَصْنا أو ب حَرَّمْنا. وَما ظَلَمْناهُمْ بالتحريم. وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ حيث فعلوا ما عوقبوا به عليه، وفيه تنبيه على الفرق بينهم وبين غيرهم في التحريم وأنه كما يكون للمضرة يكون للعقوبة.

[[سورة النحل (١٦) : آية ١١٩]]

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٩)

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ بسببها أو ملتبسين بها ليعم الجهل بالله وبعقابه وعدم التدبر في العواقب لغلبة الشهوة، والسوء يعم الافتراء على الله وغيره. ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها من بعد التوبة. لَغَفُورٌ لذلك السوء. رَحِيمٌ يثيب على الإنابة.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٢٠ الى ١٢٢]

إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢)

إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً لكماله واستجماعه فضائل لا تكاد توجد إلا مفرقة في أشخاص كثيرة كقوله:

لَيْسَ مِنَ اللَّهِ بِمُسْتَنْكَرٍ ... أَنْ يَجْمَعَ العَالَمَ فِي وَاحِدٍ

وهو رئيس الموحدين وقدوة المحققين الذي جادل فرق المشركين، وأبطل مذاهبهم الزائغة بالحجج الدامغة، ولذلك عقب ذكره بتزييف مذاهب المشركين من الشرك والطعن في النبوة وتحريم ما أحله، أو لأنه كان وحده مؤمناً وكان سائر الناس كفاراً. وقيل هي فعلة بمعنى مفعول كالرحلة والنخبة من أمه إذا قصده، أو اقتدى به فإن الناس كانوا يؤمونه للاستفادة ويقتدون بسيرته كقوله: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً. قانِتاً لِلَّهِ مطيعاً له قائماً بأوامره. حَنِيفاً مائلاً عن الباطل. وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كما زعموا فإن قريشاً كانوا يزعمون أنهم على ملة إبراهيم.

شاكِراً لِأَنْعُمِهِ ذكر بلفظ القلة للتنبيه على أنه كان لا يخل بشكر النعم القليلة فكيف بالكثيرة.

اجْتَباهُ للنبوة. وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ في الدعوة إلى الله. وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً بأن حببه إلى الناس حتى أن أرباب الملل يتولونه ويثنون عليه، ورزقه أولاداً طيبة وعمراً طويلاً في السعة والطاعة. وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ لمن أهل الجنة كما سأله بقوله: وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ.

[[سورة النحل (١٦) : آية ١٢٣]]

ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣)

ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمد، وثُمَّ إما لتعظيمه والتنبيه على أن أَجَلَّ ما أوتي إبراهيم اتباع الرسول عليه السلام ملته، أو لتراخي أيامه. أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً في التوحيد والدعوة إليه بالرفق وإيراد الدلائل مرة بعد أخرى والمجادلة مع كل أحد على حسب فهمه وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بل كان قدوة الموحدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>