معتبر، وقرئ «مذتكر» على الأصل، و «مذكر» بقلب التاء ذالاً والإِدغام فيها.
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ استفهام تعظيم ووعيد، والنذر يحتمل المصدر والجمع.
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ سهلناه أو هيأناه من يسر ناقته للسفر إذا رحلها. لِلذِّكْرِ للادكار والاتعاظ بأن صرفنا فيه أنواع المواعظ والعبر، أو للحفظ بالاختصار وعذوبة اللفظ. فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ متعظ.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ١٨ الى ٢١]
كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١)
كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ وإنذاري أتى لهم بالعذاب قبل نزوله، أو لمن بعدهم في تعذيبهم.
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً بارداً أو شديد الصوت. فِي يَوْمِ نَحْسٍ شؤم. مُسْتَمِرٍّ أي استمر شؤمه، أو استمر عليهم حتى أهلكهم، أو على جميعهم كبيرهم وصغيرهم فلم يبق منهم أحداً، أو اشتد مرارته وكان يوم الاربعاء آخر الشهر.
تَنْزِعُ النَّاسَ تقلعهم، روي أنهم دخلوا في الشعاب والحفر وتمسك بعضهم ببعض فنزعتهم الريح منها وصرعتهم موتى. كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ أصول نخل منقلع عن مغارسه ساقط على الأرض. وقيل شبهوا بالاعجاز لأن الريح طيرت رؤوسهم وطرحت أجسادهم، وتذكير مُنْقَعِرٍ للحمل على اللفظ، والتأنيث في قوله أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ للمعنى.
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ كرره للتهويل. وقيل الأول لما حاق بهم في الدنيا، والثاني لما يحيق بهم في الآخرة كما قال أيضاً في قصتهم لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٢٢ الى ٢٥]
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥)
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ بالإِنذارات والمواعظ، أو الرسل.
فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا من جنسنا أو من جملتنا لا فضل له علينا، وانتصابه بفعل يفسره وما بعده وقرئ بالرفع على الابتداء والأول أوجه للاستفهام. واحِداً منفرداً لاتبع له أو من آحادهم دون أشرافهم. نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ جمع سعير كأنه عكسوا عليه فرتبوا على اتباعهم إياه ما رتبه على ترك اتباعهم له، وقيل السعر الجنون ومنه ناقة مسعورة.
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ الكتاب أو الوحي. عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا وفينا من هو أحق منه بذلك. بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ حمله بطره على الترفع علينا بادعائه إياه.
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٢٦ الى ٢٨]
سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨)
سَيَعْلَمُونَ غَداً عند نزول العذاب بهم أو يوم القيامة. مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ الذي حمله أشره على الاستكبار عن الحق وطلب الباطل أصالح عليه السلام أم من كذبه؟ وقرأ ابن عامر وحمزة ورويس ستعلمون على الالتفات أو حكاية ما أجابهم به صالح، وقرئ «الأشر» كقولهم حذر في حذر و «الأشر» أي الأبلغ في الشرارة وهو أصل مرفوض كالأخير.