لاختلاف أنواعها والعلم بمعنى المعرفة وما موصوله أو استفهامية معلق عنها الفعل. جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أي جزوا جزاء أو أخفي للجزاء فإن إخفاءه لعلو شأنه. وقيل هذا لقوم أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم.
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٨ الى ١٩]
أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩)
أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً خارجاً عن الإِيمان لاَّ يَسْتَوُونَ في الشرف والمثوبة تأكيد وتصريح والجمع للحمل على المعنى.
أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى فإنها المأوى الحقيقي والدنيا منزل مرتحل عنها لا محالة، وقيل المأوى جنة من الجنان. نُزُلًا سبق في سورة «آل عمران» . بِما كانُوا يَعْمَلُونَ بسبب أعمالهم أو على أعمالهم.
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١)
وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ مكان جنة المأوى للمؤمنين. كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها عبارة عن خلودهم فيها. وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ إهانة لهم وزيادة في غيظهم.
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى عذاب الدنيا يريد ما محنوا به من السنة سبع سنين والقتل والأسر.
دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ عذاب الآخرة. لَعَلَّهُمْ لعل من بقي منهم. يَرْجِعُونَ يتوبون عن الكفر. روي أن الوليد بن عقبة فاخر عليا رضي الله عنه يوم بدر فنزلت هذه الآيات.
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ٢٢ الى ٢٤]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها فلم يتفكر فيها، وثُمَّ لاستبعاد الإعراض عنها مع فرط وضوحها وإرشادها إلى أسباب السعادة بعد التذكير بها عقلاً كما في بيت الحماسة.
وَلاَ يَكْشِفُ الغُمَاءَ إِلاَّ ابْن حرَّة ... يَرَى غَمَرَاتِ المَوْتِ ثُمَّ يَزُورها
إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ فكيف ممن كان أظلم من كل ظالم.
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ كما آتيناك. فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ في شك. مِنْ لِقائِهِ من لقائك الكتاب كقوله: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ فإنا آتيناك من الكتاب مثل ما آتيناه منه فليس ذلك ببدع لم يكن قط حتى ترتاب فيه، أو من لقاء موسى الكتاب أو من لقائك موسى.
وعنه عليه الصلاة والسلام «رأيت ليلة أسري بي موسى صلى الله عليه وسلّم رجلاً آدم طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة» .
وَجَعَلْناهُ أي المنزل على موسى. هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ.