للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة المائدة (٥) : آية ٥٧]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ نزلت في رفاعة بن زيد وسويد بن الحرث أظهرا الإِسلام ثم نافقا، وكان رجال من المسلمين يوادونهما. وقد رتب النهي عن موالاتهم على اتخاذهم دينهم هزواً ولعباً إيماء إلى العلة وتنبيهاً على أن من هذا شأنه بعيد عن الموالاة جدير بالمعاداة والبغضاء، وفصل المستهزئين بأهل الكتاب والكفار على قراءة من جره وهم أبو عمرو والكسائي ويعقوب، والكفار وإن عم أهل الكتاب يطلق على المشركين خاصة لتضاعف كفرهم، ومن نصبه عطفه على الذين اتخذوا على أن النهي عن موالاة من ليس على الحق رأساً سواء من كان ذا دين تبع فيه الهوى وحرفه عن الصواب كأهل الكتاب ومن لم يكن كالمشركين. وَاتَّقُوا اللَّهَ بترك المناهي. إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ لأن الإِيمان حقاً يقتضي ذلك. وقيل إن كنتم مؤمنين بوعده ووعيده.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٥٨]]

وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ (٥٨)

وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً أي اتخذوا الصلاة، أو المنادة وفيه دليل على أن الأذان مشروع للصلاة.

روي: أن نصرانياً بالمدينة كان إذا سمع المؤذن يقول أشهد أن محمداً رسول الله، قال:

أحرق الله الكاذب، فدخل خادمه ذات ليلة بنار وأهله نيام فتطاير شررها في البيت فأحرقه وأهله.

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ فإن السفه يؤدي إلى الجهل بالحق والهزء به، والعقل يمنع منه.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٥٩]]

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ (٥٩)

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا هل تنكرون منا وتعيبون، يقال نقم منه كذا إذا أنكره وانتقم إذا كافأه. وقرئ تَنْقِمُونَ بفتح القاف وهي لغة. إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ الإِيمان بالكتب المنزّلة كلها. وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ عطف على أَنْ آمَنَّا وكأن المستثنى لازم الأمرين وهو المخالفة أي: ما تنكرون منا إلا مخالفتكم حيث دخلنا الإِيمان وأنتم خارجون منه، أو كان الأصل واعتقاد أن أكثركم فاسقون فحذف المضاف، أو على ما أي: وما تنقمون منا إلا الإِيمان بالله وبما أنزل وبأن أكثركم فاسقون، أو على علة محذوفة والتقدير هل تنقمون منا إِلا أن آمنا لقلة إِنصافكم وفسقكم، أو نصب بإضمار فعل يدل عليه هل تنقمون أي: ولا تنقمون أن أكثركم فاسقون، أو رفع على الابتداء والخبر محذوف أي:

وفسقكم ثابت معلوم عندكم ولكن حب الرياسة والمال يمنعكم عن الإِنصاف. والآية خطاب ليهود سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عمن يؤمن به فقال: أؤمن بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا إلى قوله: وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فقالوا حين سمعوا ذكر عيسى: لا نعلم ديناً شراً من دينكم.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٦٠]]

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٦٠)

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ أي من ذلك المنقوم. مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ جزاء ثابتاً عند الله سبحانه وتعالى، والمثوبة مختصة بالخير كالعقوبة بالشر فوضعت هاهنا موضعها على طريقة قوله:

تَحِيَّةٌ بينهم ضرب وجيع

<<  <  ج: ص:  >  >>